والوجه الثاني - أن الطلاق يقع؛ إذ يقال: وصل الكتاب، [وإن] (١) كان سقط منه
شيء.
والوجه الثالث - أنه يفصّل: فيقال: إن قال: إن جاءكِ كتابي هذا، لم يقع؛ لأن
الإشارة تحوي جميعَ الأجزاء. وإن كتب: إن جاءكِ كتابي، ولم يشر، وقع؛ لأنه
جاءها ما ينطلق عليه اسم الكتاب.
المسألة الثانية - إذا سقط غير الطلاق، ولكن كان من متضمنات الكتاب، كعُذرٍ
مُقدَّمٍ على الطلاق، أو ذكرِ حالٍ منها يتضمن توبيخاً، وهو معقَّبٌ بالطلاق، فإذا سقط
ما يشتمل على هذه الفنون، وكانت الأسطر المحتوية على الطلاق باقية، فتعود الأوجه،
ولكن هذه الصورة أولى بوقوع الطلاق؛ فإنه فصّل الطلاق، وهو الغرض والمنتهى.
المسألة الثالثة- إذا سقط من الكتاب محلّ التصدير والحمد، ففيه الخلاف،
والأظهر وقوع الطلاق؛ فإن الساقط لم يَفُت بسقوطه شيء من مقاصد الكتاب، وإنما
سقطت مراسم ليست معنيّة.
والمسألة الرابعة - في سقوط البياض، فالذي قطع به أئمة المذهب أن الطلاق يقع؛
لأن الكتاب محل الأسطر، والحواشي متصلةٌ وليست مقصودة أصلاً. وأشار بعض
الأصحاب إلى إبداء احتمال في هذا؛ فإنّ حواشي الكتاب تُعدُّ من الكتاب، ويحرم
على المحدث مس حواشي المصحف، كما يحرم عليه مس الأسطر.
وكنت أحب لو أجرينا في هذه المسائل -أعني المسائل الثلاث الأُوَل- الفرقَ بين
أن يبقى معظم الكتاب، أو يسقط معظمه؛ فإن للمعظم أثراً ظاهراً في بقاء الاسم.
ولو قال: إذا بلغك طلاق، فانت طالق، فبلغ الكتاب إلا الأسطر التي فيها ذكر
الطلاق، لم يقع وفاقاً، وكذلك إذا بلغ تلك الأسطر التي فيها ذكر الطلاق من غير
تفصيل. وإذا بنينا على أن الانمحاء يُخرج الكتاب عن كونه كتاباً، فالانمحاء بمثابة
السقوط في البعض.
فهذا تفصيل القول فيما يلحق الكتاب من التغايير.
(١) زيادة من المحقق اقتضاها السياق.