للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "وسواء قالت طلقتك أو طلقت نفسي ... إلى آخره" (١).

٩٠١١ - إذا قال الرجل لامرأته: أنا منك طالق، قال الأصحاب: إن نوى إيقاع الطلاق عليها، وقع الطلاق، وإن لم ينو إيقاع الطلاق عليها، لم يقع، وزعموا أن قوله: أنا منك طالق صريح في بنيته وصيغته، ولكنه أضيف إلى [الرجل] (٢)، فهو بمثابة الكنايات؛ فإن المرأة محل الطلاق، فإذا أضيف الطلاق إلى الرجل، كان على تأويل إضافته إليها، من حيث إنه منها على سبب منتظم بينهما. وكذلك إذا قال الرجل: أنا منك بائن، قال الأصحاب: لا بدّ من نيتين إحداهما نيّة أصل الطلاق، والثانية نية الإيقاع عليها.

٩٠١٢ - وأصل هذه المسألة مقرر في (الأساليب)، ولا نجد بداً من ذكر طرفٍ مما ذكرناه فيها أوّلاً: ذهب ذاهبون من أصحابنا إلى أن الرجل معقود عليه في حقها، كما أنها معقود عليها في حقه، وأكثروا في هذا سؤالاً وانفصالاً.

ونحن لم نرتضِ هذا المسلكَ؛ فإن المرأة لا تستحق من بدن زوجها ومنفعة زوجها شيئاً، فلا معنى لكونه معقوداَّ عَليه لها وفي حقها، وإنما المستحِق هو الزوج ومنافعها أو حِلُّها مستحَق له، فلا وجه إلا القطع بأنّ مورد العقد محل الاستحقاق.

ولكن إذا قال الزوج: أنا منك طالق، انقدح في هذا وجهان: أحدهما - أن على الزوج حجْراً من جهتها، وإن لم يكن معقوداً عليه؛ فإنه لا ينكح أختها، ولا أربعاً سواها، فإذا أضاف الطلاق إلى نفسه، أمكن حمل ذلك تقريراً على حَلّ السبب المقتضي لهذا الحَجْر.

والوجه الثاني - أن المرأة مقيدة، والزوج في حكم القيد، وقد يقال: حُلّ القيد،


(١) ر. المختصر: ٤/ ٧٧.
(٢) في الأصل: محل. والمثبت تقدير منا رعاية للسياق.