للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "فأما ما لا يشبه الطلاق مثل قوله: بارك الله فيك ... إلى آخره" (١).

٩٠٣٥ - غرض الفصل أنّ شرط ما يوصف بكونه كناية أن يكون مشعراً بالمقصود، ثم إن ظهر إشعاره، لم يخف كونه كنايةً، وإن خفي، فقد يُثيرُ خفاؤهُ خلافاً. فلو قال لامرأته: تجرّعي أو تردّدي أو ذوقي، فهذه الألفاظ كنايات، فإنها من طريق الاستعارة تشعر بالفراق، ولو قال: اشربي، وزعم أنه نوى الطلاق، فوجهان، قدمنا ذكرهما، ومن جعله كناية قدّر فيه اشربي كأس الفراق.

وكان شيخي يقطع بأن قوله: "كلي" ليس بكنايةٍ، وألحق القاضي والعراقيون كلي بقولهِ: "اشربي" وهذا فيه [بعد] (٢) ولو قال: بارك الله فيك، أو اسقيني، أو أطعميني، أو ردّديني، أو ما أشبه ذاك، فليس بطلاق، لأن هذه الألفاظ غيرُ مشعرةٍ بالفراق.

وإن حملها حامل على معنىً بعيد، عُدَّ متكلفاً، آتياً بما يلتحق بقسم التعقيد والإلغاز.

ولو قال: "أغناكِ الله"، ونوى الطلاق، فقد ذكر العراقيون وجهين، ومأخذ أحدهما من قوله عزّ وجل: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:١٣٠] فكأنَّه قال لها: فارقيني يغنك الله. وهذا بعيد، ولا يجوز أن يحمل على ذلك قوله: "بارك الله فيكِ"، وإن أمكن على بعدٍ أن يقول: أردت أغناك الله؛ فلا تنتهي التقديرات في الكنايات إلى هذا المنتهى.

فليقس القائس على محل الوفاق والخلاف ما لم نذكره.

فصل

٩٠٣٦ - ثم قال الشافعي: "ولو قال للتي لم يدخل بها: أنت طالق ثلاثاًً [للسُّنة] (٣) وقعن معاً ... إلى آخره" (٤).


(١) ر. المختصر: ٤/ ٧٧.
(٢) في الأصل: بعيد. والمثبت اختيار من المحقق.
(٣) زيادة من نص المختصر.
(٤) ر. المختصر: ٤/ ٧٧.