للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرهما العراقيون: أحدهما - يستحب؛ فإنه ساتر لما هو محل الفرض من الرجل، والوجه الثاني - لا يستحب؛ فإنه لم يجر له ذكرٌ في شيء من الأخبار، وليس الاستيعاب محبوباً، حتى يقال: ينبغي أن يمسح جميع ما يستر محل الفرض، فهذا بيان الأكمل.

٤٢٧ - فأما الأقل، فيكفي أول ما ينطبق عليه اسم المسح، وإذا كنا نكتفي في مسح الرأس، وهو أصلٌ بالاسم، فلأن نكتفي به في مسح الخف -وهو رخصة- أَوْلى، ثم لا خلاف أنه لو ألقى الفرض (١) على ظهر القدم، جاز، ولو مسح أسفله مقتصراً عليه وهو ما يستر أخمص القدم، فظاهر النص في المخنصر أنه لا يجزئه (٢).

واختلف الأئمة، فقال بعضهم: في المسألة قول آخر: أنه يجزىء، وهو القياس؛ لأن أسفل الخف ساتر لما هو من محل الفرض، فشابه الأعلى.

والأظهر ما يدل عليه النص، وهو أنه لا [يكفي] (٣) الاقتصار على الأسفل؛ إذ روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتصر على مسح الأعلى، وروي أنه مسح الأعلى والأسفل. ولم يُروَ الاقتصارُ على الأسفل. والمعتمد في الرخص الاتباع.

وكان [شيخي] (٤) يذكر طريقين آخربن: أحدهما - القطع بمنع الاقتصار على الأسفل. والثاني - القطع بجواز الاقتصار، وحمل النص على الأوْلى، مع التأكيد فيه.

ولو فُرض الاقتصار على مسح العقب -وهو الذي ذكر العراقيون الاختلافَ في استحباب مسحه عند محاولة الأكمل- فهذا فيه تردّدٌ؛ من جهة أنه ساتر لما هو محل


(١) في (ل): "ألقى المسح".
(٢) هذا مأخودّ من مفهوم كلام المزني، وليس من نصه. ر. المختصر: ١/ ٥١.
(٣) في الأصل: يكتفى، وصدقتنا (م)، (ل).
(٤) زيادة، قدرناها على ضوء أسلوب إِمام الحرمين، لضرورة السياق. وقد صح ما قدرناه، فوجدناها في (م)، (ل).