للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال: أنت طالق في شهر رمضان، وقع الطلاق مع أوّل جزء منه، وكذا إذا قال: في أول شهر كذا، أو في غرّة شهر كذا، أو في أول غرة شهر كذا، فالطلاق في هذه المسائل يقع مع أول جزء من الهلال، والأصل المعتمد أن اسم الشهر إذا تحقق، فقد تحققت الصفة التي هي متعلق الطلاق، والطلاق ليس معلَّقاً بدوام الصفة، ولا بنجازها، فاقتضى ذلك الوقوع مع أول الاسم.

ومن دقيق الكلام في هذا أنه قد يظن الظان أن الوقت ظرفٌ للطلاق وشرط الطلاق الواقع فيه أن يحتوش بزمان سابق، وهذا تقدير محال، فالمعنيّ بالظرف الزماني انطباق فعلٍ على زمان، فأما اشتراط تقدم [زمان] (١) أو تأخّر، فلا.

٩٠٤٠ - وإذا قال: أنت طالق في يوم كذا، وقع الطلاق مع أول جزء من الفجر، وقال أبو حنيفة (٢): يقف وقوع الطلاق على انتهاء ذلك اليوم بغروب الشمس، وهذا بناه على أصلٍ له في العبادات، وذلك أنه قال: "كل فعلٍ عُلِّق بوقتٍ موسّع، تعلّق بانتهاء ذلك الوقت" كمصيره إلى أن الصلاة تجب بآخر الوقت، وهذا جهل بموضوع البابين: أما الصلاة، فإن ربط وجوبها بآخر الوقت أخذاً من أن المؤخِّر لا يعصي، فهذا له وجهٌ على حال، وفي معارضته كلامُ أصحابنا. فأما مأخذ وقوع الطلاق المعلق، فمِن تَحقُّق الصفة، ولا وقوف بعد تحقق الصفة، وليس هذا مأخوذاً من وجوبٍ حتى ينظرَ الناظرُ في إثبات المعصية ونفيها.

٩٠٤١ - وإذا قال: أنت طالق في آخر شهر رمضان، ففي المسألة وجهان ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنها تطلق في آخر جزء من آخر الشهر؛ فإن ذلك الجزء هو الآخر حقاً.

والوجه الثاني - أنها تطلق مع أول جزء من ليلة السادس عشر؛ فإنه إذا مضى النصف الأول عُدَّ ما بعده آخراً، وهذا أول الآخر. وقد ذكرنا أن الطلاق يقع كما (٣) تحقق الاسم.


(١) في الأصل: زماني.
(٢) ر. فتح القدير: ٣/ ٣٧٦، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٤٤٥، الفتاوى الهندية: ١/ ٣٦٨.
(٣) كما: أي عندما.