للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني - أنه يُقبل؛ فإن إرادة العيان بالرؤية ليس من الأمور البعيدة.

ولو قال: إذا رأيت فلاناً، فأنت طالق وكان غائباً، فقدم، فلم تره، فالظاهر حمل ذلك على العيان، وذلك أنا قلنا ما قلنا في الهلال لجريان الاعتياد فيه، وللألفاظ مجاري مختلفة باختلاف المحالّ؛ فإن الذي لم ير الهلال قد يقول -إذا غاب عن بلده -: ورأينا الهلال في الليلة الفلانية، ولا يقول: رأيت فلاناً وما رآه، والسبب فيه أن رؤية الأشخاص فيها أغراض، وليس في رؤية الهلال غرض، [وينبغي] (١) للمحصل أن يعتقد أن مجاري العبارات التي يستعملها أرباب العقول لا تختلف إلا لأغراض مختلفة قد يظهر مُدركها، وقد يخفى.

وقال القفال: إذا ذكر الرؤية بالفارسية وأضافها إلى الهلال، فهي العيان، لا العلم، وهذا إنما قاله؛ من جهة أن الرؤية تطلق في العربية والمراد بها العلم، كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان:٤٥] وهذا الذي ذكره القفال فرقٌ متخيل بين اللغتين، لكن فيه خلل ناجع، وهو أنا لا ننكر أن المعنى الأظهر للرؤية العيانُ إذا لم يُعدَّ إلى مفعولين، فإذا قلت رأيت زيداً، كان ظاهره عاينت زيداً، وإذا عدّيته إلى مفعولين كان بمعنى الظن كقولك: رأيت زيداً عالماً، فإذا قال لامرأته: إذا رأيت الهلال، كان هذا على معنى العيان في اللغة، وإنما حملنا ظاهره على العلم للعُرف واكتفاء الناس فيه برؤية الغير، وهذا يتحقق في لغة العجم، فلا فرق إذاً بين اللغتين.

فصل

قال: "ولو قال إذا مضت سنة، فأنت طالق، وقد مضى من الهلال

خمسٌ ... الفصل" (٢).

٩٠٤٦ - إذا قال لامرأته: إذا مضت السنة، فأنت طالق، انصرفت إلى السنة العربية المفتتحة بالمحرم، فإذا كان في بقيةٍ من السنة، فانقضت، وقع الطلاق وإن


(١) في الأصل: "ولا ينبغي".
(٢) ر. المختصر: ٤/ ٧٨.