للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا معنى استكمال ذلك الشهر ثلاثين يوماً. وقال أبو حنيفة (١): مهما (٢) انكسر السْهر الأول، انكسر سائر الشهور، فإذا وجب اعتبار التكميل في الشهر الأول، وجب اعتبار التكميل في كل شهر، وقد قال بهذا بعض أصحابنا.

ووجهه أنه إذا انكسر الشهر الأول، فالوجه أن يكمل من الذي يليه؛ فإنّ السنة لا تنقطع أيامها، فيستحيل أن نحتسب منها شهوراً والشهر الأول معلق، لم يمض بعد، فإذا كان يجب أن يكمل الشهر الأول، فينكسر الثاني بالأول، ثم ينكسر الثالث بالثاني وهكذا إلى نجاز السنة، وهذا المذهب مطرود في العِدد والآجال الشرعية والأيْمان، وهو على ما فيه من الإخالة بعيدٌ؛ فإن اعتبار الأهلّة أصل غير منكر، وخروج اعتبار الأهلة في أحد عشر [شهراً] (٣) محال، وإذا كان كذلك، فلا وجه إلا ما ذكرناه أولاً.

فصل

قال: "ولو قال لها: أنت طالق الشهرَ الماضي ... إلى آخره" (٤).

٩٠٤٨ - مضمون الفصل الكلام فيه إذا قال لامرأته: أنت طالق الشهر الماضي، والكلام في ذلك يقع على وجوه: أحدها - أن يُطلِق هذا اللفظَ، ولا يتعرض لقصد ونيةٍ، فالحكم أنه يقع الطلاق في الحال، ويلغو قوله الشهر الماضي. وسبب [ذلك] (٥) أن قوله: "أنت طالق" صريح في التنجيز، وقوله: "الشهر الماضي" لفظ ملتبسٌ متردّد بين جهات، كما سنذكرها، فإذا لم يقصد بلفظه شيئاً، سقط أثر المجمل منه، وعمل اللفظ المستقل. ولو أطلق اللفظ، فلم نتمكن من مراجعته، حتى مات أو جنّ، فيحكم بالوقوع في الحال؛ بناء على ما ذكرناه من استقلال اللفظ باقتضاء التنجيز.


(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٨٠ مسألة ٨٨٥.
(٢) مهما: واضح أنها هنا بمعنى إذا.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) ر. المختصر: ٤/ ٧٨.
(٥) زيادة اقتضاها السياق.