للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفوس، ثم السُّكر في عينه تركٌ للصلاة، أو سببٌ خاصٌّ فيه، فلم يُسقط قضاءَ الصلاة قولاً واحداً.

وأما الحكم بوقوع الطلاق، فمما يقع متفرعاً على السكر، وقد لا يتفرع، وكأن التردد فيه وفي أمثاله لما نبهنا عليه، والسُّكر بالإضافة إلى الصلاة عينُ الترك، أو سببٌ خاصّ في الترك.

٩١١٦ - ومن تعاطى شيئاً يزيل العقل من غير حاجة عصى ربّه، ثم قال الأصحاب: حكمه إذ اختلط عقله كحكم السكران.

والذي أراه فيه أنه لا يُلحق بالسَّكران، والتحقيق فيه أن هذا النوع من زوال العقل إذا لم يكن مقصوداً، فهو عندنا في حكم الصّلاة كانخلاع القدم في حق من يردّي نفسه، وكالنفاس في حق المستجهضة.

وإذا كان الفقه المحض يقتضي إسقاط قضاء الصّلاة مع خلافٍ فيه، فالقطع بإلحاقه بالسكران لا وجه له، وكذلك إذا تسبب فجنّن نفسَه، ففي الأصحاب من ألحقه بالسكارى. وهذا غفلةٌ عن المعنى الذي نبهنا عليه.

ولما أراد المزنيّ نصرة مذهبه في أن طلاق السّكران لا يقع، احتج بالذي جنّن نفسه، ولم ير أنه يخالَف في وقوع طلاقه، وللأصحاب فيه التردد الذي حكيناه، وفي كلام القاضي ما يدل على القطع بإلحاقه بالسكارى، وهذا فيه خلل ظاهر لما نبَّهت عليه.

ولم يختلف أصحابنا في أنّ من أُوجر خمراً، فسكر، وطلّق، لم يقع طلاقه.

ومن تداوى ببَنْجٍ (١)، أو غيره، فزال عقله، لم يقع طلاقه.

وإذا حرّمنا التداوي بالخمر، فالمتداوي بها عاصٍ بشربها، ولا يخفى الحكم وراء

ذلك.

...


(١) ببَنْجٍ: البَنْج: مثال فلس، نبت له حب يخلِط بالعقل (المصباح).