للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا في عالمٍ بعبارة الحساب يزعم أنه أطلق لفظه، ولم يخطُر (١) له معنى.

وفي بعض التصانيف ذِكْرُ قول ثالث، وهو أنه يقع ثلاث طلقات وذكره شيخنا، وهو بعيدٌ، ووجهه على بعده أنه يعرض لثلاث طلقات مع صلةٍ والأصلُ وقوع العدد الذي تلفظ به.

وكل ما ذكرناه فيه إذا كان عالماً بمراد الحُسّاب بمثل هذه اللفظة.

٩١١٨ - فإن كان جاهلاً بمراد الحُسّاب، وقد أطلق اللفظ، فالذي قطع به المحققون أنه لا يقع إلا واحدة إذا زعم أنه لم يكن له قصد. وينقدح عندنا خروج القول الذي حكيناه عن بعض التصانيف في إيقاع الثلاث، نظراً إلى التلفظ بها، ولكنني لست أثق بهذا القول.

ولو قال مُطلِق هذا اللفظ -وهو جاهل بالحساب وعبارةِ أهله-: أردت بهذا اللفظ ما يعنيه الحُسّاب، ولست عالماً به، ففيما يقع والأمر كذلك وجهان ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنه يقع ما يقتضيه الحساب، فإنه قصد الطلاق، وربط العدد بمقصودهم، فيقع الطلاق ويراجع الحُسّاب في مقصودهم، وهو كما لو قال: إن كان الطائر غراباً، فامرأته طالق، فليس هو على علم بموقع الطلاق في الحال، ولكن إذا تبينا تحقق الصفة، حكمنا بوقوع الطلاق تبيّناً.

والوجه الثاني - أنه لا يقع إلا واحدة؛ فإنه لم يفهم معنى اللفظ، والنياتُ لا تثبت على الإبهام، وإنما تثبت على التحقيق والتفصيل، ولا خلاف أن الأعجمي إذا نطق بالطلاق بلغة العرب، ونوى معناه عند أهله، ولم يفهمه عند إطلاق اللفظ، ثم وضح له معناه، لم يقع الطلاق باتفاق الأصحاب، وليس هذا كما لو علّق الطلاق على صفةٍ هو جاهل [بها] (٢) فإن قصده إلى الطلاق ثابت ومتعلّقه مشكل، فيبحث عنه، ومعظم التعليقات كذلك تقع.

ويخرّج عندنا على هذا الخلاف أن يقول القائل: طلقت فلانة مثل ما طلق فلان


(١) من بابي: ضرب وقعد.
(٢) مزيدة من المحقق.