للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناهما واحدٌ، فكان كما لو قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا ثنتين.

ولو قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا ثنتين إلا واحدة، فاللفظة الأخيرة استثناء من الاستثناء؛ فإنها غير معطوفة، والتقدير: أنت طالق ثلاثاًً تقع، فهو إثباتٌ، إلا ثنتين لا تقعان، وهذا نفي ما أثبته، إلا واحدة تقع، وهذا إثبات ما نفاه.

وإذا عَطَف المستثنى عنه بعضَه على بعض، وأَتى بالعدد في صيغٍ وعَطَف البعض منها على البعض، ثم عَقّبه باستثناءٍ، فهل نجمع المستثنى عنه حتى كأنه في صيغةٍ واحدة أم نتركه على إفراده ونقطعه؟ ذكر القاضي وجهين ذكرهما الشيخ أبو علي، وتصوير المسألة أن يقول: أنت طالق واحدةً، وواحدة، وواحدة، إلا واحدة. فقد ذكر ثلاث طلقات في ثلاث صيغ، فمن جمع تلك الصيغ، صحح الاستثناء، فكأنه قال: أنت طالق ثلاثاًً إلا واحدة، ومن يترك تلك الصيغ على تقطيعها، فالاستثناء عنده باطل، فإنه قال آخراً: وواحدة، ثم قال: إلا واحدة، فانصرف استثناء الواحدة إلى الواحدة، فكان مستغرقاً، والاستثناءُ المستغرق باطل.

ولو قال: أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا ثنتين، فهذا يخرج على الوجهين، فإن جمعنا الصيغ، لم يقع إلا طلقة واحدة، وكان كما لو قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثنتين، ولو تركنا الصيغ على تقدّمها وتقطعها، وقع الثلاث وبطل الاستثناء؛ فإنه قال آخراً: وواحدة إلا ثنتين، فاستثنى ثنتين من واحدة والاستثناء زائد على ما يقع به الاستغراق.

ولو قال: أنت طالق واحدة وواحدة [وواحدة] (١) إلا ثلاثاًً، فلا شك في وقوع الثلاث كيفما قدّرنا: ضممنا الصيغَ، أو تركناها مفرّقة.

٩١٥٢ - ولو عطف الاستثناءات بعضَها على البعض بحرف الواو، فالكل في معنى واحدٍ لما مهدناه من اقتضاء العطف الإشراك، ولكنا هل نجمعها على تقدير أنها كالمذكورة في صيغة واحدة أم نتركها على تقطعها ونفرّق صيغها؟ قال القاضي


(١) زيادة اقتضاها السياق.