العلوق به كان في النكاح والولد للفراش، والولد الثاني في معنى الولد الأول؛ فإنهما من بطن واحد، وحكم البطن لا يختلف احتمالاً ولحوقاً.
فإن كان بين الولدين -والمسألة بحالها- أكثرُ من ستة أشهُرٍ، فلا شك أن العلوق بالولد الثاني وقع بعد انفصال الأول؛ إذ لو كانا من بطنٍ واحدٍ، لما تخلل بينهما ستة أشهر، فإذا تبين أن العلوق بالثاني وقع بعد الأول، فهل يَلحق الولدُ الثاني الزوجَ؟
في المسألة قولان مبنيان على صورة نرسمها، ونُحيل استقصاءها على كتاب العدة، وهي أن الرجل إذا طلق امرأته طلقة رجعيةً، ثم أتت بولدٍ لأكثر من أربع سنين من وقت الطلاق، ولأقلّ من أربع سنين من وقت انقضاء العدة، وكان الطلاق رجعياً، فابتداء أربع سنين يحتسب من وقت الطلاق أو من وقت انقضاء العدة؟ فعلى قولين: أحدهما - وهو الأصح عند المحققين أنه يحتسب من يوم الطلاق؛ فإن الطلاق وإن كان رجعياً، فهو قاطع لاستحلال الافتراش، وإن كان الملك قائماً، ونحن إنما نلحق الولد بالفراش؛ لاطراد استحلال الافتراش، والطلاق وإن كان رجعياً، فهو قاطع لهذا المعنى، ولهذا استعقب الاعتدادَ، وهو غير معقول إلا في زمان الانعزال.
والقول الثاني - أن ابتداء السنين الأربع محتسب من آخر العدة؛ لأنّ الرجعية في العدة زوجة، وسلطنة الزوج قائمة عليها.
وسيأتي تحقيق ذلك توجيهاً وتفريعاً، إن شاء الله.
٩١٥٩ - وإذا أتت المرأة بولدٍ ولحقها الطلاق عند الولادة، ثم أتت بولدٍ بعد ذلك لستة أشهرٍ فصاعداً، فنحن نعلم قطعاً أن العلوق بالولد الثاني لم يكن في حال استمرار النكاح، كما نعلم قطعاً أنها إذا أتت بولدٍ بعد الطلاق الرّجعي لأكثر من أربع سنين من وقت الطلاق، فالعلوق به لا يكون متقدّماً على الطلاق، فاستوت المسألتان في تحقق وقوع العلوق بعد الطلاق، فخرجت المسألة على قولين في لحوق الولد الثاني. فإن قلنا: الولد يلحق، فقد طُلِّقت هذه عند الولد الأول، ثم انقضت عدتها بوضع الولد الثاني، وإن قلنا: الولد لا يلحق، فلا تنقضي العدة به؛ فإن عدة الرجل إنما تنقضي بوضع المرأة حملها إذا كان الولد ملتحقاً بمن العدة منه.