للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقع أصلاً، وأنها تَبين بوضع الولد الثالث، ووجهه بيّنٌ؛ فإن الطلاق لو لم يلحقها، لبانت بالولادةَ؛ لمكان براءة الرحم، فإذا كان وضع الولد مقترناً بالبينونة، فالطلاق الثالث مضافٌ إذاً إلى حال البينونة، وهذا محالٌ، وهو كما لو قال لامرأته التي لم يدخل بها: إذا طلقتك فأنت طالق، فإذا طلقها تنجيزاً تنجّز الطلاق، ولا يقع ما علّقه؛ لأنها تبين بوقوع الطلاق الأول.

وهذا القائل يتأوّل نصَّ الإملاء ويحمله على ما إذا ولدت الولد الثاني، فراجعها وردّها إلى صلب النكاح، فولدت الولد الثالث في النكاح، فتلحقها الطلقة الثالثة، ثم تستقبل العدة، وتكون كما لو قال لامرأته الحامل بولد واحدٍ، وهو لا يملك إلا الطلقة الثالثة: إذا ولدت، فأنت طالق، فإذا ولدت، طُلِّقت، واستقبلت العدة.

وهذه الطريقة مستدّة في المعنى، ولكنها مخالفة للنصّ؛ فإن الأصحاب عن الإملاء نقلوا التصريح بتصوير اعتقاب الولادات من غير تخلل رجعةٍ.

والطريقة المشهورة طرد القولين: أحدهما - وهو المنصوص عليه في الجديد أن الطلاق لا يقع بالولادة الثالثة، ووجهه مما ذكرناه.

والقول الثاني - أن الطلاق يقع، وقد تكلف الأصحاب توجيه هذا القول لاشتهاره، فلم يتحصّلوا على معنى عليه مُعوّل.

٩١٦٢ - وقد ذكر القفال مسلكاً نحن نذكره، ثم نوضح اختلاله، قال: اختلف قول الشافعي في أن الرجعية إذا طلقها زوجها في عدة الرجعة، فهل تستأنف عدةً إذا لحقها الطلاق أم تتمادى على العدة الأولى؟ وقد أشرنا إلى هذين القولين فيما سبق، وسنستقصيهما في العدد، إن شاء الله.

ثم إذا قلنا: تتمادى على العدة بانيةً، فلا كلام. وإن قلنا: يستعقبُ الطلاقُ عدةً جديدة، فالعدّة الأولى تنقطع، وتستأنف هذه عدة جديدة، ثم لا نقضي بأن الطلاق وقع، وهي في بقية من العدة الماضية، [ولكن نقول: يقع الطلاق على مفصل الانقطاع والاستقبال] (١)، وهو كما لو قال لامرأته: أنت طالق بين الليل والنهار؛ فإذا


(١) عبارة الأصل: ولا نقول: "يقع الطلاق على متصل الانقطاع والاستقبال"، والتصويب بالتعديل والتغيير من صفوة المذهب: جزء (٥) ورقة: ١٢ شمال.