القلب، فالطلاق يحكم به ظاهراً وفي الباطن التردد الذي ذكرناه، وإن وجدت الإرادة باطناًً، ولم يوجد لفظ المشيئة، فمن لا يعتبر الباطن، يقول: لا يقع الطلاق باطناًً لعدم اللفظ، والأبيوردي قد يقول: يقع الطلاق بإرادة القلب باطناًً، إذا لم يجر في التعليق استدعاء جواب.
هذا منتهى الكلام في ذلك.
فرع:
٩١٨١ - ولو قال لزوجته الصبية: أنت طالق إن شئت، فقد قدّمنا ترددَ الأئمة في ذلك، وميلُ الأكثرين إلى أن الطلاق لا يقع، وهذا قد يؤكّد مذهب الأبيوردي، فإنه لو كان التعويل على مجرد اللفظ، فلفظها منتظم كائن، وذهب ذاهبون إلى أن الطلاق يقع، كما لو قال للصبية: أنت طالق إن تكلمتِ أو قلت: شئتُ، فقالت: شئت.
ولو قال لمجنونةٍ: أنت طالق إن شئت، فقالت: شئت، لم يقع الطلاق وفاقاً، والسبب فيه أنا وإن كنا نعتمد اللفظَ، فالشرط صدَر (١) اللفظ ممّن يتصوّر أن يكون لفظه إعراباً عن مشيئة قلبه، ولا يثبت للمجنونة قصدٌ على الصحة، وليس هذا كما لو قال: إن تكلمتِ.
وإن قال: إن شئتِ، فقالت في سكرها: شئتُ، فهذا يخرّج على أن السّكران كالمجنون أو كالصاحي.
وكان شيخي يقطع بأنه لو قال للصبيّة: أنت طالق على ألف، فقالت: قبلت لا يقع شيء؛ فإنه لا عبارة لها في معاملات الأموال، وليس كما لو قال: إن شئت، فقالت: شئتُ، ففيه الخلاف المقدم.
وقال القاضي: قبول الصبيّة يجوز أن يكون بمثابة قبول المحجورة السّفيهة، حتى يقع الطلاق رجعياً، ولا يثبت المال. وهذا بعيد جداً.
ولو قال: طلّقي نفسك إن شئت، والتفريع على أن هذا تمليك يستدعي جوابها
(١) صَدَرُ: أي صدور. وهذا الاستعمال لهذا المصدر هو الغالب، بل الدائم في لغة إمام الحرمين.