للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩١٨٣ - ولو قال: أنت طالق ثلاثاًً يا طالق إن شاء الله. قال الأصحاب: لا يقع عليها شيء؛ لأن قوله: يا طالق لا يعمل الاستثناء فيه، فانصرف إلى ما يقبل الاستثناء، وهو قوله: أنت طالق ثلاثاًً، وامتنع وقوعها، ولم نُوقع طلقة [بقوله] (١) يا طالق بعد إيقاع الثلاث؛ لأنه وصفها بالطلاق [لإضافة الطلاق] (٢) الثلاث الذي أوقعها [إليها] (٣) وقد لغت الثلاث؛ فلغا الوصف الصادر عنها، ولم ينقطع حكم الاستثناء بما تخلل بينه وبين المستثنى عنه من قوله يا طالق، لأنه على وفق المستثنى عنه من جنسه، فالاستثناء إنما ينقطع إذا تخلل بينه وبين المستثنى عنه ما ليس من جنس النظم الذي يتسق فيه الاستثناء، فلو قال: طلقتك يا فاطمة إن شاء الله، أو أنت طالق [ثلاثاًً] (٤) ياحفصة إن شاء الله، فالاستثناء يعمل، ولايضرّ تخلل التسمية بين الاستثناء وبين المستثنى عنه.

وهذا فيه وجهان من النظر: أحدهما - ما قدمناه من صرف الاستثناء إلى الطالق، فلا امتناع فيه، فيتّجه إذاً ربط الاستثناء بالطالق وقطعه عن الثلاث، وإذا انقطع الاستثناء عن الثلاث وقعنَ، فيبقى الطالق القابل للاستثناء في وضعه، والاستثناء مختص به، ولكن لا يعمل في هذه المسألة بعد أن طلقت ثلاثاً.

ولا يمتنع أن يقال: يلغو الاستثناء، لتخلل "الطالق"؛ فإنه في حكم اللّغو الذي لا حاجة إليه، وليس كالتسمية؛ فإنها تجري على سَداد الكلام وحسن النظم، والطالق في قوله: "أنت طالق ثلاثاًً يا طالق إن شاء الله" فضلةٌ [مستغنى عنها] (٥)، فيُقْطع الاستثناء ويقع الثلاث على هذا التأويل.

ويتجه وجهٌ آخر - وهو صرف الاستثناء إلى الثلاث وإبطال الثلاث، فيبقى قوله: "يا طالق"، فتطلق طلقة بذلك، ولا حاصل لقول من قال: هذه الصفة صادرة عن


(١) في الأصل: لقوله.
(٢) زيادة اقتضاها السياق، وهي في صفوة المذهب (السابق نفسه).
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) زيادة من صفوة المذهب (السابق نفسه).
(٥) في الأصل: فضلة مستغثة.