للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفول الثاني - أنا نورثها إلى أن تنكح، وهذا مذهب ابن أبي ليلى (١)، ووجهه أن اعتبار العدة باطل؛ فإنها بائنة في العدة وبعد انقضائها؛ فلا معنى للنظر إلى العدة، ولو طلقها في الصحة، ثم مرض ومات وهي في العدة، لم ترثه، فإذا بطل اعتبار العدة، فالنظرُ إلى النكاح؛ فإنها لو نكحت، صارت محل أن ترث زوجها الثاني، فبعُد أن تورّث من زوجين، ولا يمتنع أن نجعل تزوجها إسقاطاً منها لحقها، والأولى التعلّقُ باستبعاد توريثها من زوجين.

والقول الثالث - أنا لا نُسقط ميراث المبتوتة بشيء إلا بأن تموت قبل زوجها، فلو نكحت أزواجاً، فميراثها قائم؛ فإن حق الإرثِ إذا ثبت لم يسقط، وإذا أدمنا توريثها بعد الزوجية، لم نُبق لمستبعدٍ متعلَّقاً، وهذا مذهب مالك (٢).

٩١٩٢ - وممّا نفرّعه أن المريض لو طلق زوجته التي لم يدخل بها، فإن قلنا في المدخول بها: إذا انقضت عدتها لم ترث، فغير المدخول بها لا ترث؛ إذ لا عدة عليها، وإن لم نعتبر العدة في المدخول بها، ورّثنا هذه، ثم إلى متى ترث؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها ترث إلى أن تتزوج.

والثاني - أنه لا ينقطع حقها من الميراث ما لم تمت قبل المطلِّق.

٩١٩٣ - ومن الأصول المفرّعة على القول القديم أنه لو كان تحته أربع نسوة، فطلقهن في مرض الموت، وتزوج بأربعٍ سواهن، ثم مات، ففي المسألة ثلاثة أوجهٍ: أحدها - أن حق الإرث للمطلقات، ولا ميراث للواتي نكحهن في المرض؛ فإنه نكحهن ونصيبُ الزوجات مستحَق من الميراث، فلا حظ لهن؛ إذ لا سبيل إلى حرمان الأوائل، ويبعد توريث أكثر من أربع.

والوجه الثاني - أن الميراث بين البائنات وبين المنكوحات؛ فإن البائنات لم ينقطع


(١) ر. بداية المجتهد لابن رشد: ٢/ ٨٩، عيون المجالس للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ١٢٤٣ مسألة ٨٦٦، اختلاف الفقهاء للمروزي: ٢٤١ مسألة ٩٨.
(٢) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٧٥٠، ٧٥١ مسألة ١٣٦٣ - ١٣٦٥، عيون المجالس ٣/ ١٢٤٠ مسألة ٨٦٥.