٩١٩٨ - ومما يتعلق بهذا أنه لو علق الطلاق في الصحة بفعل من أفعال نفسه، ثم مرض، فَفَعَله في المرض، قطع القاضي بأنه فارّ؛ فإنّه اعتمد سبب الطلاق في مرضه، فكان كما لو نجّز الطلاق في المرض، وهذا حسنٌ فقيه، وكان شيخي يذكر وجهين في هذه الصورة، والوجه عندي القطعُ بما ذكره القاضي؛ فإن عماد القول التهمةُ، وتحققُها في هذه الصورة كتحققها في تنجيز الطلاق.
وإن علَّق الطلاق في الصّحة بفعل أجنبي، أو بأمرٍ يجوز أن يقع في الصحة، ويجوز أن يقع في المرض مما لا يتعلق به، فاتفق وقوع ذلك في المرض، فحينئذٍ في المسألة قولان: أحدهما - أن الاعتبار بحالة التعليق، ولقد كان صحيحاً فيه، فليس فاراً.
والقول الثاني - أنه فارّ؛ نظراً إلى وقت وقوع الطلاق، ولعلّ الأقيس القولُ الأول؛ فإنّ التهمة لا تتحقق.
وكما طرد الأصحاب قولين في الطلاق طردوهما في العِتاق ومحلِّ احتسابه، وجريانُ القولين في العِتاق في الصورة التي انتهينا إليها حسنٌ تردداً في وقت التعليق ووقت النفوذِ.
فإن قال قائل: إذا كان عماد الفرار على التهمة، فكيف يخرج قول الفرار في الصورة التي ذكرتموها؟ قلنا: إذا علّق بصفةٍ مترددةٍ بين أن تقع في الصّحة أوالمرض، ولو أوقع في المرض، لاتّهم، فإذا أطلق التعليق بما يجوز تقدير وقوعِه في المرض، انبسط التعليق على زمانٍ لا تهمةَ فيه، وعلى زمانٍ فيه تهمة، فلا يبعد أن يُنْظَر إلى العاقبة. وإن وقع في زمانِ نفْي التهمة، فلا فرار، وإن وقع في زمان التهمة، جعلناه فارّاً.
وقال أبو حنيفة (١): إذا وقع العتق في المرض، وقد جرى التعليق في الصّحة، فالعتق من الثلث، وإذا جرى تعليق الطلاق في الصّحة، ووجدت الصّفة في المرض، فلا يكون الزوج فارّاً، وتعلَّق في الفرق بفصل التهمة، وكنت أودّ لو كان ذاك مذهباً