للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان قد قال: ما حنثتُ في يميني، فكما (١) ملك عبد صاحبه، حُكم بحرّيته عليه؛ لأنه إذا نفى الحنث عن نفسه، فلا بدّ وأن يكون صاحبه حانثاً، ومن أقر بحرّية عبدٍ لغيره، ولم يصدّق عليه، ثم اشتراه، فيؤاخذ بحكم قوله، ويُقضى بعتقه.

ثم في هذه الصورة التي انتهينا إلينا ليس له أن يرجع بالثمن على صاحبهِ؛ لأنه إنما عَتَق بحكم إقراره وإقرارُه مردود على البائع، وصاحبه مكذّبٌ له. فهذا أصل الباب.

٩٢٠٨ - ثم ذكر الشافعي بعد هذا حنثاً واقعاً من رجل مردَّداً بين الطلاق والعتاق، وأنا أرى من الرأي أن أذكر التردد في طلاق زوجتين أو زوجات، وأعتبر [به] (٢) التردد في العتاق، ثم أبني عليه تردداً بحنث بين الطلاق والعتاق.

فصل

قال: "ولو قال: إحداكما طالق ثلاثاًً منع منهما ... إلى آخره" (٣).

٩٢٠٩ - إذا قال لامرأتين تحته: إحداكما طالق ثلاثاًً، فلا يخلو إما أن ينوي إحداهما بالقلب، أو يُطْلق إطلاقاً، ولا ينوي عند إطلاقه اللفظَ واحدةً منهما بعينها: فإن نوى بقلبه واحدةً منهما، فهي الطالق في حكم الله، ولكن الأمر مبهم، وهو محبوس عنهما، مأمور بالإنفاق عليهما؛ لأنهما في حبسه، وإن كانت إحداهما مطلقة ثلاثاًً، فيطالب بالبيان، ويقال له: بيّن المطلّقة عندك.

ثم قال الأصحاب: الطلاق يقع باللفظ السابق، فلا يتأخّر وقوعه إلى البيان الذي يطالب به، والعدة تحسب من يوم اللفظ على ظاهر المذهب، وخُرِّج قولٌٌ آخر: إن العدة محسوبة من يوم البيان.

وبنى الأصحاب هذين القولين الظاهر والمخرّج على القولين في أن المستفرشة


(١) فكما: أي عندما.
(٢) زيادة لا يستقيم الكلام بدونها، وهي موجودة في صفوة المذهب. ومعنى "وأعتبر به التردد في العتاق": أي أقيس به التردد في العتاق.
(٣) ر. المختصر: ٤/ ٨٥.