للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميراث زوج، وكان شيخي في ميله إلى هذا المذهب يُثبت له ميراثين، وفرّع أبو حنيفة مذهبه، فقال: إذا ماتت إحداهما، تعيّنت الحيّة للطلاق، ووقع الحكم بأن التي ماتت زوجة، وكان شيخي في تقدير اختياره وراء (١) المذهب يصحح هذا التفريع ويقول به، وهو لعمري صحيح لو صح الأصل، ولكن ما ذكره الشيخ إظهار ميلٍ، وما أجمع عليه الأصحاب أن التعيين لا ينحسم بالموت.

هذا كله فيه إذا ماتتا وبقي الزوج.

٩٢٢٨ - فأما إذا مات الرجل وبقيتا، فهل يقوم الوارث مقام الزوج في البيان والتعيين؟ اختلف طرق أصحابنا: فمنهم من قال: في التبيين والتعيين جميعاًً قولان: أحدهما - يقوم الوارث مقامه في البيان والتعيين جميعاًً؛ لأن الوارث خَلَف الموروثَ، فيقوم مقامه في التبيين والتعيين جميعاً، كما يخلفه في حق الشفعة والردِّ بالعيب، وحبسِ المبيع واستلحاقِ النسب.

والثاني - لا يقوم الوارث مقامه؛ لأن حقوق النكاح لا خلافة فيها، فلا تتعلق الوارثة بشيء منها، كحق اللعان، وأقرب الأحكام شبهاً بما نحن فيه أن من أسلم (٢) وتحته عشر ومات قبل البيان، فالورثة لا يقومون مقام المورّث في تعيين أربع، ولا يكاد ينفصل هذا عن إطلاق الطلاق من غير نيةٍ، هذه طريقة الأصحاب.

ومنهم من قال: إن كان نوى [لمّا] (٣) لَفَظَ، فالوارث يقوم مقامه في البيان؛ إذ قد يكون للوارث اطلاع على ما نواه المورث، [كأن] (٤) كان سمعه أو تبيّنه من مَخيلةِ حاله، وعلى مثل ذلك تَعْتَمد المرأة في الحلف إذا أفضت الخصومة إلى ردّ اليمين عليها.

ومن أصحابنا من قلب الترتيب، وقال: يقوم الوارث مقام المورث في التعيين إذا لم يكن اقترن باللفظ نية، فإن اقترن باللفظ نيّة، فهل يقوم الوارث مقام المورث في التبيين، فعلى قولين.


(١) وراء المذهب: أي مع اختياره المذهب.
(٢) في الأصل: أن من أسلم وأسلمت وتحته ...
(٣) في الأصل: "لصّاً" وهو من عجائب وغرائب التصحيف.
(٤) في الأصل: "فإن".