للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله، وإن ادعى سبباً خفياً يعسر الإشهاد عليه، فيصدّق حينئذٍ.

وعندنا لا فرق في المودَع إذا أمكن صدقه، وذلك الكتاب مبني على أن صاحب الوديعة [يحُل] (١) محلَّ المؤتمنين في إيداعه، فكان التزامُ تصديقه فيما يمكن صدقه [فيه] (٢)، ولم يوجد من الزوج ائتمان المرأة في جليّ ولا خفيّ، فامتاز هذا بوضعه عن المودَع وقياسِه، وبان أنا إنما نُصدّق المرأة في ذكر الحيض، والإعرابِ عن معنىً في الضمير يفرض متعلَّقاً للطلاق؛ من جهة أن كل معلِّقٍ [بصفةٍ، فقضيةُ] (٣) كلامه إمكان وقوع الطلاق عند وجود الصفة؛ فإن من ضرورة التعليق ترديد الأمر، فإذا كان [لا مطَّلِع] (٤) على ما جعله متعلَّقَ الطلاق إلا من جهتها، وهي في التقدير مكذَّبة، فكيف الوقوع [ونفسُ] (٥) تعليقه -وما به التعليق لا يأتي إلا من جهتها- في حكم الالتزام لتصديقها. وهذا أظهر من التزام المودِع تصديق المُودَع؛ فإن ذلك المعنى [لا يستدّ] (٦) في ذلك الكتاب ما لم يُعضَّد بمصلحة الإيداع، كما قرّرناه في موضعه.

٩٢٥٠ - وممّا يتعلق بهذا الأصل أنه لو قال لإحدى امرأتيه: إن حضت، فَضَرّتك طالق، فإذا زعمت أنها حاضت، لم نحكم بوقوع الطلاق على ضَرَّتها، وإنما تُصدّق في حق نفسها إذا علق طلاقها بحيضها، وهذا يكاد يخرِم ما مهدّناه من قولنا: لا يُطَّلع على الحيض إلا من جهة المرأة، ويعترض أيضاًً على ما ذكرناه عَضُداً للكلام، إذا (٧) قلنا: التعليق يتضمن إمكان وقوع الطلاق على الجملة.

وسبيل الجواب عما نبهنا عليه أن المرأة إذا علق طلاقها بحيضها، فليست مصدَّقةً من غير يمين، وكلُّ مؤتمن، فمعنى ائتمانه الاكتفاءُ بيمينه، ثم تحليفها ممكن في حق نفسها، وإذا علق طلاق الضَّرّة بحيضها، فإن لزم تصديقُها من غير يمين، كان بعيداً،


(١) في الأصل: (احمل).
(٢) في الأصل: منه.
(٣) في الأصل: "معلق بصيغة كلامه"، والمثبت تصرّف من المحقق على ضوء السياق.
(٤) في الأصل: لا يطلع.
(٥) في الأصل: فنفس.
(٦) في الأصل: يستمرّ.
(٧) إذا:: بمعنى (إذ).