وذكر الشيخ أبو علي وجهاً على إبطال الدور أنها تطلق ثلاثاًً، قال: ثم اختلف الصّائرون إلى ذلك في وجه وقوع الثلاث، فمنهم من قال: يقع الثلاث المشروطة تقدمها، ولا تقع هذه التي أنشأها، وكأنه قال: مهما تلفظت بإنشاء طلقة، فأنت طالق قبلها ثلاثاًً، فوقوع الثلاث موقوف على لفظه، وإن كان لا يقع بلفظه طلاق منجّز.
وهذا رديء لا خروج له إلا على مذهب من يحمل اللفظَ المطلقَ على الفاسد والصحيح جميعاًً، وعليه خُرّج قول للشافعي فيه إذا أذن الرجل لعبده في النكاح، فنكح نكاحاً فاسداً ووطىء، قال في قول: يتعلق المهر بكسبه.
وهذا بعيد لا يفرّع على مثله.
قال الشيخ: وقال قائلون: تقع الواحدة التي أنشأها واثنتان من الثلاث المعلّقة.
٩٢٥٩ - فانتظم أوجهٌ: أحدها - الدّورُ والقولُ به، وعليه تفريع معظم الأصحاب.
والثاني - وقوع ما ينجّز؛ لأنه شرطٌ، وإبطال الجزاء.
والثالث - تكميل الثلاث، ثم له مأخذان حكاهما الشيخ، كما بيناهما.
٩٢٦٠ - ولو كانت المرأة غيرَ مدخول بها، فقال: مهما طلقتك، فأنت طالق قبلها، فالمسألة تدورُ على مذهب ابن الحداد، كما ذكرنا. فأما على مذهب أبي زيد فالطلقة المنجزة تقع، ومن قال ممن يخالف ابنَ الحداد في المسألة الأولى بوقوع الثلاث، فلا يوقع هاهنا أكثرَ من طلقةٍ واحدةٍ؛ فإن الطلقتين متباينتان زماناً ووقتاً، ويستحيل لحوق طلقتين كذلك بامرأة غيرِ مدخول بها، ولكن اختلف هؤلاء في أن تلحقها الطلقة المعلقة أو المنجزة، والمذهب عندهم وقوع المنجّزة.
٩٢٦١ - ومن صور الدّور في العتق أن العبد إذا كان مشتركاً بين شريكين، فقال أحدهما وهو موسر: مهما أعتقتَ نصيبك، فنصيبي حرّ قبل نصيبك، والتفريع على تعجيل السّراية، فمهما (١) أعتق الشريك، لم ينفذ عتقه، فإنه لو نفذ، لنفذ عتق شريكه قبله وسرى إلى نصيبه، ثم كان لا ينفذ عتقه.