للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زينب، فيقال له: فما كان قصدك بعد ذلك؟ فإن قال: أردت تطليق زينب، ولم أرد تطليق عمرة، فيقبل قوله؛ إذ قد ينادي الرجل امرأةً، ثم لا يطلقها ويطلق غيرها، وربما نادى عمرة لشغل، فلما [أجابته] (١) زينب غاظه ذلك؛ فطلقها، فليس من ضرورة النداء السّابق أن تكون المناداة مطلّقةً.

ولو قال: علمت أن التي أجابتني زينب، ولكني أردت بقولي: "أنت طالق" تطليقَ عمرة، لا تطليق زينب. أما عمرة فتطلق ظاهراً وباطناً، فإنه سمّاها، وقال: أنت طالق، وأما زينب، فتطلق ظاهراً، فإنه خاطبها بالطلاق، ولا يقبل ما قاله ظاهراً في درء الطلاق عن زينب، ولكن يُدَيَّن باطناًً.

وفي هذا فضل نظر؛ فإنه إن نادى واسترسل في كلامه، ولم يربط قوله: "أنت طالق" بانتظار جواب، وبان ذلك في جريانه في الكلام واتحاد جنس صوته ونغمته، ثم قال: أردت عمرة، لم تطلق إلا عمرة ظاهراً وباطناً. وقد أوضحنا فيما تقدّم ظهور أثر النغمات والتقطيعات.

فأما إذا نادى منتظراً جواباً، فاتّصل جواب زينب، فقال: أنت طالق، وَرَبَط بالنغمة قوله على جواب زينب، فعند ذلك نقول: تطلق زينب ظاهراً وعمرة لا يظهر طلاقها والحالةُ هذه، غيرَ أنه إذا قال: نويتُها صُدِّق ظاهراً، وإلا فلا يتصوّر ظاهران على التنافي، غير أنا ذكرنا أن القصد الخفي في الوقوع ملحق بالظاهر.

هذا كله إذا قال: علمت أن المجيبة زينب.

٩٢٧٧ - فأما إذا قال: حسبت أن التي أجابتني عمرة، وما ظننتها زينب [فخاطبتها] (٢) بالطلاق على ظن أنها عمرة.

قال ابن الحداد: أما عمرة، فلا تطلق؛ فإنه ناداها وسمّاها، ثم خاطب بالطلاق غيرَها، فانقطع خطاب الطلاق عن النداء، فنجعل كأنّ النداء لم يكن، فلا يبقى فيها عُلقة إلا أنه ظن المخاطبةَ عمرة، وهذا لا يقتضي وقوعَ الطلاق على عمرة؛ فإنه لو


(١) في الأصل: أجابتهاء
(٢) في الأصل: فخاطبها. والمثبت تصرّف من المحقق ساعدنا عليه الإمام ابن أبي عصرون.