وقال في (الإملاء)(١): يلحقها طلقة ثانية وتستقبل العدة بالأقراء، ونحن نعلم أن العدة تنقضي بوضع الولد، والطلاقُ المعلق بالولادة يقع مع انقضاء الولد، فيقع الطلاق إذاً مع انقضاء العدة، فخرجت المسألة في الموت والتعليق بالانقضاء على قولين.
قال الشيخ: القول المذكور عن (الإملاء) في نهاية الضعف، ولا استقامة له في القياس، فهو ممّا لا يفرّع عليه، والتخريج على الضعيف يقود المخرِّج إلى مقاربة مخالفة الإجماع.
فرع:
٩٢٨٨ - إذا نكح امرأةً حاملاً من الزنا، فقد ذكرنا أن النكاح يصحّ، وفي حلّ الوطء وجهان: أصحهما - أنه لا يحرم. فلو قال لها الزوج -وهي حامل من الزنا وقد وطئها-: "أنت طالق للسُّنة" قال ابن الحداد: لا يقع الطلاق أصلاً؛ فإنه وطئها في طهر ووجود الحمل وعدمه بمثابةٍ، وقد جرى الوطء فكان الطلاق في طهر جامعها فيه.
ولو كان الحمل من الزوج، ووطئها بعد ظهور الحمل، ثم طلقها للسُّنة، فيقع الطلاق، فكأنا لا نجعل للحمل أثراً.
وممّا يتعلق بذلك أنها لو كانت ترى الدم وهي حامل من الزنا، وقلنا: الحامل تحيض: فلو قال في زمن الدَّم: أنت طالق للسُّنة، فلا يقع الطلاق لمكان الدم، وهي كحائل رأت الدّم.
ولو كان الحمل من الزوج، وكانت ترى دماً، وقلنا: إنها تحيض، فقال لها في زمان الدم الموجود في الحبل: أنت طالق للسُّنة، ففي وقوع الطلاق وجهان مشهوران ذكرناهما، والفرق أنا لا نجعل للحمل من الزنا حكماً أصلاً.
وكان شيخي يقول: على هذا القياس يجب أن نقطع بأنّ الحامل من الزنا تحيض، وهذا فيه نظر؛ فإن اختلاف القول في أن الحامل هل تحيض أم لا؟ أمرٌ متعلق بأن وجود الحمل هل يَنفي الحيضَ حكماً؟ وهذا يستوي فيه الولد النسيب والدّعي.
(١) الإملاء: أي في القديم، فهو هنا في مقابلة الجديد.