للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا ينبغي أن يُخطر الفقيهُ بباله أنا إذا فرّعنا على هذا الوجه الضعيف، فكأنا أسقطنا حكم الطلقات بالملك، فإذا زال الملك، كان له أن ينكحها؛ فإن هذا مصير إلى إقامة الملك مقام التحليل، وهذا لا يجوز، فالوجه ما قدمناه.

فصل

قال: "ولو أشهد على رجعته ... إلى آخره" (١)

٩٣٥٠ - الإشهاد على الرجعة مأمور به، والأصل فيه قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:٢] والمنصوص عليه في الجديد، أنه لا يجب الإشهاد، ولكن يستحب، وسبب استحبابه مقابلة ما يتوقع من الجحود بشهادة الشهود، وقد ندب الله تعالى إلى الإشهاد على المداينات، ونصّ الشافعي في القديم على وجوب الإشهاد، وبه قال مالك (٢).

توجيه القولين: من لم يوجب الإشهاد احتج بأن الرجعة في حكم استدامةٍ واستمرارٍ على النكاح السابق، ولذلك لم تفتقر إلى الرضا والولي، ولا يتصور أن يثبت [بسببها] (٣) مهر، وإن سُمِّي (٤)، فكان الإشهاد فيه مستحباً غيرَ مستحَق.

ومن نصر القول القديم، احتج بظاهر قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، ومالك رأى الإشهاد في الرجعة ركنَ الرجعة، ولم يشترط الإشهادَ في النكاح، ولكن اشترط الإعلان بأي جهةٍ تتفق، والرجعةُ على الجملة مردّدة في ظن الأصحاب بين النكاح وابتداء العقد، وبين الاستدامة والاستصحاب، ولما كان الظاهر أن الإشهاد


(١) ر. المختصر: ٤/ ٨٩.
(٢) القول بالوجوب ليس هو المشهور في مذهب مالك، قال ابن جزي في القوانين (ص ٢٣٤): "الإشهاد مستحب في مشهور المذهب. وقيل: واجب، خلافاً للشافعي". وقال ابن عبد البر في الكافي: "واجب وجوب سنة". وانظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٧٥٨ مسألة ١٣٨٦، وعيون المجالس: ٣/ ١٢٥١ مسألة ٨٧٥.
(٣) في الأصل: بسببه.
(٤) وإن سمي: يعني وإن سمى الزوج مهراً لمراجعتها، فلا يثبت في ذمته، ولا يجب عليه.