قول الوكيل؛ لأنّه ادّعى البيع في وقتٍ لو أنشأه، لنفذ منه، فإنْ طَردَ الخلاف في الوكيل، كان هاجماً على خرق الإجماع، وإن سلّمه، عَسُر الفرق بين رجعة الزوج وتصرف الوكيل. وهذا الوجه أراه غلطاً كالوجه الذي ذكره في الفصل الثاني، وقد ذكرته الآن.
٩٣٦٦ - فإذا قطعنا بأن القول قول الزوج إذا كانت العدة باقيةً، فقد كان شيخي يحكي عن القفال أنّ الإقرار بالشيء في وقت إمكان إنشائه بمثابة إنشائه، وإن كان إقراراً على الحقيقة، وهذا لست أرى له وجهاً؛ فإن الإقرار نقيضُ الإنشاء، فيستحيل أن يفيده ويقوم مقامه، والإقرار يدخله الصّدق والكذب بخلاف الإنشاء، فإذا أقرّ كاذباً كيف نجعله منشئاً؛ فلا وجه لذلك.
وكان شيخي يطرد هذا الوجه في الطلاق، ويقول: الإقرار بالطلاق طلاقٌ عند هذا القائل.
وهذا خطأ؛ فإن الشافعي وأصحابَه نصّوا على أنّ من أقر بالطلاق كاذباً، فالزوجية قائمةٌ بينه وبين الله، ولو كان الإقرار الكاذب طلاقاً واقعاً ظاهراً وباطناًً، لما تُصوِّرت مسائل التديين، وقد قلنا: إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق، ونوى الطلاق عن وِثاق، لم يقع الطلاق باطناًً، ولم نعرف في هذا خلافاً، ومن يقول بوقوع الطلاق باطناًً إذا أقر كاذباً، وهو لا يبغي الإنشاء، بل صرح بإسناد الطلاق إلى ما مضى مخبراً غير موقع، فكيف يقع الطلاق باطناً.
فإن قيل: نصَّ الشافعيُّ على أنّ من نكح أَمةً، ثم أقرّ بأني كنت نكحتها وأنا غير خائف من العنت، فهذا طلاق. قلنا: هذا ضمُّ إشكال إلى إشكال؛ [فإنّا](١) نبُعد كونَ الإقرار بالطلاق إنشاء، وهذا النص يقتضي أن يكون الإقرار بفساد النكاح إنشاءَ طلاق، وهذا كلام متناقض؛ فإن فساد النكاح يمنع وقوعَ الطلاق، فلا وجه عندي إلا حمل هذا النص على خللٍ في النقل، وليس من الحزم تشويش أصول المذهب بمثل هذا.