حسب حصول الرجعة بالقول. وإذا كانت الرجعة توجب الحِلَّ، وانقضاءُ العدّة يوجب البينونة، فإذا انتفى الموجبان، وجب تغليب الحظر، فهذا حمل المسألة على إنشاء الرجعة.
فإن زعم الزوج أنّي لم أرد بقولي:"راجعتك" إنشاءَ الرجعة وإنما أردت الإخبار عن رجعةٍ سبقت مني، فإذا قالت المرأة على الاتصال: انقضت عدّتي، فهذه المسألة تنعطف على الصور التي تقدّمت، فيقع الحكم مثلاً بانقضاء زمن العدة بقولها، ونقول للزوج: متى راجعتَها؟ فإن زعم أنه راجعها قبل هذا بيوم مثلاً، فقوله: راجعتك في الحال لا يزاحم خبرَها عن انقضاء العدة، حتى يقالَ: ابتدر بالدعوى، بل قوله صالح للإنشاء، وهو صريح فيه. وقد ذكرنا أن صريح الإنشاء لا يزاحِم خبرها؛ فهي امرأة مبتدئة بدعوى انقضاء العدة، فإذا قال الزوج بعد ذلك: قد راجعتها قبل هذا الزمان، فهذا كلام مؤخَّر عن قولها، وقد سبق التفصيل فيه إذا ابتدرت، فادّعت انقضاء العدة، ثم ادعى الزوج بعد هذا رجعةً سابقةً.
هذا بيان المسألة إذا صُوِّرت إنشاءً، أو حُمل قولُ الزوج على الإخبار.
٩٣٦٩ - ولمّا أورد المزني هذه المسألة جعل الزوج مبتدئاً بدعوى الرّجعة، وقدّر المرأة مستأخرة في دعوى الانقضاء، ورأى أن الزوج أولى بالتصديق.
والذي ذكره قد يتجه إذا تأخّر قولها ولم يتصل، وتقدّمت دعوى الرجل، فأما إذا قال الزوج: راجعتها، فقالت على الاتصال: انقضت عدتي، فلا يتجه إلا إبطالُ الرّجعة؛ فإنّ لفظه صريح في الإنشاء، والإنشاءُ باطل مع الخبر المتصل.
وإن حمله على الإخبار، فلفظه المطلق لا يصل لذلك، فيقع الحكم بالانقضاء، فإن أنشأ بعد ذلك تقديمَ دعوى، فهذا مزيد في تصوير المسألة وإتيانٌ بدعوى أخرى مستَفْتَحةٍ.
هذا بيان الأصول والصور في اختلاف الزوجين. والله أعلم.