وأما مقدار الحيض في القلة والكثرة، فقد يختلف ولا يطرد، وليس استقراره مقدار مرةً واحدة أمراً ظاهراً موثوقاً به. فقال قائلون: لا بدّ من التكرار، فقد لاح الفرق.
على أنا سنذكر أن الأصح أن العادة تثبت بمرة واحدة - إن شاء الله عز وجل.
٤٧٢ - ثم إذا استمرت الاستحاضة، وتمكنت من التمييز، فإنها مردودة إلى اتباع الدم القوي والضعيف في أدوارها. فلو جاءها دور ورأت في أوله خمسة أيام دماً قوياً، وتحيّضت فيها، وضعف الدم بعدها، فاغتسلت، ثم انقطع الدم على الخمسة عشر وشُفيت، فقال الأئمة: تحيُّضها في هذا الدور خمسة عشر يوماً؛ فإنا تبينا أنها ليست مستحاضة في هذا الدور، وإنما يردّ إلى صفة الدم المستحاضةُ.
فصل
٤٧٣ - حقيقة التمييز في الاستحاضة اتباعُ قوة الدم، وضعفه، مع وجود الأركان التي ذكرناها للتمييز، فإن كانت ترى دماً أسودَ أياماً، ثم دماً أحمر منطبقاً إلى آخر الدور، فهي مستحاضة في زمان الحمرة؛ فإن الأحمر بالإضافة إلى الأسود ضعيف.
ولو كانت ترى أولاً دماً أحمر، ثم بعد ذلك دماً أشقر مشرقاً إلى الصفرة، فهي حائض في أيام الحمرة، مستحاضة في أيام الشقرة؛ فإن الأحمر قوي بالإضافة إلى ما بعده من الشقرة.
والأمر يختلف في القوة والضعف بالنسب والإضافات.
فلو رأت خمسةً سواداً وخمسةً حمرةً، ثم شقرةً إلى آخر الدور، فالدمان الأولان قوتان بالإضافة إلى الشقرة بعدهما والحمرة ضعيفة بالإضافة إلى السواد المتقدم عليها، قويةٌ بالإضافة إلى الشقرة بعدها، ففي المسألة طريقان:
من أئمتنا من قطع بأن السواد والحمرة جميعاً حيض؛ لقوتهما، ولإمكان تقديرهما حيضاً.
ومن أصحابنا من ذكر وجهين في الحمرة: أحدهما - أنها حيض؛ لقوتها بالإضافة