٩٣٩٦ - فأما إذا وجهنا عليه الطَّلبة في اليمين الأولى وطلّق، فالقول فيه إذا راجع، أو تركها حتى تبين ثم جدّد النكاح - يستدعي تقديمَ أصلٍ مقصود، فنقول:
إذا حلف الرجل لا يجامع امرأته وأطلق اليمين، ولم يقيّدها بمدّة، ثم لما طولب، طلّق، فإذا ردَّها، لم يخلُ: إما أن يردّها بالرجعة في العدة، أو يردّها بالنكاح بعد البينونة، فإن راجعها، فيعود حكم الإيلاء بعد انقطاع الطّلبة، والسبب فيه أن البينونة إذا لم تقع، فالنكاح في حكم الاتحاد والتواصل، فإذا راجعها، فهو على حال المولين؛ فإن المولي من يلتزم بالوقاع بعد أربعة أشهر شيئاً، وهو بعد الرجعة بهذه المثابة، وللنكاح حكم الاتحاد، فسبيله كسبيل من يحلف على الابتداء؛ فإن دوام اليمين وتصوُّرَ الحنث كابتداء اليمين.
فهذا قولنا في اطراد حكم الإيلاء.
٩٣٩٧ - ثم قال الأئمة: إذا كانت اليمين مُطْلَقة، وقد طلق لمّا طولب بعد المدة، فإذا راجع، فلا تتوجه عليه الطَّلِبة على الفور كما (١) راجعها، وهذا من الجليات المتفق عليها، ولا بد من التنبّه له؛ فمعظم غلطات الفقهاء في الجليات.
وكان ينقدح في القياس أن يقال: كما راجعها، عادت الطلبة؛ لأن النكاح له حكم الاتحاد، ولم تجر منه الفيئة، والضرارُ دائم، ولكن لما طلق، فقد أتى بأحد ما طولب به، فيؤثّر الطلاق -بإجماع الأصحاب- بقطع حكم الطَّلبة التي توجهت بانقضاء المدة، ثم جُعل في الرجعة كأنه آلى ابتداءً، ولقد كان من قبل مخيَّراً بين أمرين: الفيئة والطلاق، فخرج منه أن الفيئة تَحِل اليمين، وتدرأ الضرار، ويخرج الرجل عن كونه مولياً، والطلاق بعد المطالبة يقطع الطَّلِبةَ الحاقّةَ، ولسنا نعني انسداد باب الطلب؛ إذ لو كنا نعني ذلك، ونكتفي به، لعاد الطلب كما راجع، فكان سقوط الطلب محققاً، وكأنه وفّى بما أفضى إليه انقضاءُ المدة، ثم جعلناه كالمبتدىء؛ لأنه يلتزم بالوقاع بعد أربعة أشهر أمراً، فصار كما لو ارتجع وحلف، ثم أثّر اتحاد النكاح