الوطء، فلما كان ذلك معلّقاً بالإصابة الأولى، انتظم لهذا القائل أن الإيلاء موعود معلق، وليس منجزاً، وإن كان المعلق بالإصابة الأولى طلاقاً أو ظهاراً، فليس ذلك التعليق إيلاءً في نفسه، فَحَسِبه أمراً ملتزماً، وحسِب التزامه إيلاءً، وهذا ذهول عن دقيقة نبهنا عليها وهي أن من قال: إن أصبتك، فوالله لا أصيبك، فهذا حلف بالحَلف، كما أنه إذا قال: إن أصبتك فأنت طالق إن دخلت الدار، فهذا حلف بتعليق الطلاق؛ فلا وجه إذاً للفرق.
٩٤٣١ - ومما نذكره متصلاً بهذا الذي انتهينا إليه، أن الرجل إذا قال لامرأته: إن وطئتك، فعبدي حر عن ظهاري إن تظهرت، فقد كنا وعدنا في ذلك ذكرَ خلاف، وها نحن نقول: الوطء قبل الظهار لا يُلزم أمراً، فكان ظاهر المذهب ألا نجعله مولياً، فإن قلنا: القرب من الحِنث يثبت الإيلاء، فإذا وطىء، فقد قرب حصول العتق، فمن أصحابنا من ألحق هذا بمحالّ القولين في القرب من الحنث، وجعله مولياً قبل الظهار على أحد القولين.
ومنهم من قطع القول بأنه لا يكون مولياً، ولا يكاد يتضح الفرق. والأصح أن القرب من الحِنْث لا يثبت موجَب الإيلاء.
٩٤٣٢ - ومما ذكره الأصحاب في بعض مسائل الفصل أن الرجل إذا قال لامرأته: والله لا أصبتك إلا مرة واحدة، فلو وطئها، ثم نزع في الأثناء وأعاد، فلا يحنث بالإيلاج الأول، وإذا نزع وأعاد، حَنِث؛ فإنه وطءٌ مجدّد، وقد حكيتُ في هذا خلافاً فيما تقدّم، وأوردته فيه إذا قال: إن وطئتك، فأنت طالق ثلاثاًً، ثم أولج، ونزع وأعاد قبل قضاء الوطر، فالمذهب المبتوت وجوبُ المهر إذا جرى على جهلٍ، فإن هذا وطء مبتدأ، فمن أصحابنا من عدّ النزع والإعادة في حكم استدامة الوطأة الواحدة، وهذا بعيد، وإن كان يتوجه، فهو في اليمين أقرب؛ فإن وجوب المهر يتلقى من مأخذ الأحكام، وأما إذا تعرض لذكر الوطأة بالاستثناء في اليمين المعقودة، فقد يظهر الرجوع فيما هذا سبيله إلى العرف، ولو قال: والله لا آكل إلا أكلة واحدة، فقد يحمل ذلك في الأيمان على أكلة تحويها جلسة على الاعتياد، والغرض بإعادة ما ذكرناه حكايةُ قول الأصحاب في هذا المقام.