والذي يحقق الغرض في ذلك أنه إذا آلى مطلقاً، فلا طلبة في الحال، وإذا انقضت الأشهر طولب، فكأن صاحب القول الأول يثبت الإيلاء، والذي يحقق هذا أنه لو قال: لا أجامعك ما عشتُ، فلو مات قبل أربعة أشهر، فقد تبين أنه لم يكن مولياً، فإذا كان التبيّن يتطرق والمذكور سببٌ مستبعد، كما يتطرق والسبب قريب، فلا يبقى فرقٌ عند ذكر الأسباب، والأمر في الكل على التبيّن، ويجب لَوْ صح هذا القياس القولُ بالإيلاء، وإحالة ارتفاع الإيلاء على وقوع السبب قبل الأشهر.
ولعل ناصرَ القول الأول يردّ ذلك القولَ إلى أمر في العبارة، يقول: إن كان السبب مستبعداً، أطلقنا القول بثبوت الإيلاء، فإن جرى السبب المستبعد على ندورٍ قبل أربعة أشهر، رددنا التبيُّن إلى أن الإيلاء لم يكن، وإن كان السبب المذكور غيرَ مستبعد، لم نطلق القول بحصول الإيلاء إن سئلنا عنه، فإن استأخر السبب، تبيّنا أنه كان مولياً.
والقول في ذلك قريب.
٩٤٣٦ - ولو قال: لا أجامعك إلى أن تموتي، أو إلى أن أموت، فالإيلاء ثابت، ولو قال: لا أجامعك إلى أن يموت فلان، فالذي ذكره القاضي، وأصحابُ القفال أن الإيلاء ثابت، وموت ذلك الشخص من المستبعدات، وقال المزني: ذِكْرُ موت شخص غير الزوجين بمثابة ذكرِ قدومٍ متوقع؛ إذ ليس الموت ببعيد في الوقوع، وما لم يبعد وقوعه، لم يبعد توقعه.
وذكر العراقيون مذهب المزني، واختاروه، ولم يعرفوا غيره، ونزّلوا موت الثالث بمثابة القدوم وغيره من المتوقعات، فقد حصل وجهان من الطرق: أحدهما - أن موت الثالث من المستبعدات، فيرتب فيه المذهب على حسب ما مضى من المستبعدات.
والوجه الثاني - وهو اختيار العراقيين أنه لا يلتحق بالمستبعدات.
٩٤٣٧ - وفي لفظ (السّواد)(١) إشكالٌ ونحن ننقله على وجهه، فقال: "حتى يخرج الدّجال أو حتى ينزل عيسى بنُ مريم، أو حتى يقدَم فلان، أو يموت أو تموتي،
(١) "السواد" هو مختصر المزني، كذا يسميه الإمام. وقد أشرنا إلى ذلك كثيراً.