للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أحاط بما مهدناه في البر والحنث، لم يخف عليه كيفية التفريع على القولين في مقتضى الإيلاء.

وقد نجز الغرض في هذه الصورة وهي إذا قال: "والله لا أجامعكن" ونحن نذكر بعد ذلك صورتين، ونذكر بعدهما فرعاً لابن الحداد، وعليه يتنجّز الباب.

٩٤٤٦ - صورة: إذا قال لنسوته الأربع: والله لا أجامع واحدة منكن، فهذا يستعمل على وجهين: أحدهما - على اقتضاء التعميم.

والثاني - على تخصيص الإيلاء بواحدة منهن.

فإن قال: أردت التعميمَ، فهذه اللفظة فيها لطيفةٌ يجب فهمها، ثم الخوض بعدها في الفقه، فلو قال: لا أجامعكن، فهذا يقتضي حصولَ الجماع في جميعهن، واللفظ على هذا الوجه يعمهن بتأويل اقتضاء اجتماعهن، حتى لا يحصل الغرض بمجامعة بعضهن، فهذا معنىً في العموم.

وإذا قال: لا أجامع واحدة منكن على إرادة العموم، فهذا عمومُه على معنىً آخر، فإن اليمين متعلّقة بآحادهن. هذا هو وجه في العموم، ولا يقتضي تحقّقُ الحنث وطءَ جميعهن؛ من جهة أنه قال: لا أجامع واحدة (١ منكن، والمعنى جميعهن، مع تنزيل اليمين على كل واحدة ١) على طريق البدل.

فإذا فهم هذا المعنى، انبنى عليه أنا نجعله مولياً عن كل واحدة منهن؛ من جهة أنه لا يقدم على وطء واحدة بعد الأربعة الأشهر إلا ويلتزم الكفارة بغشيانها، للمعنى الذي نبهنا عليه، ولو وطىء واحدة منهن وحنث وألزمناه الكفارة، فتنحلّ يمينه، ويسقط حكم الإيلاء في حق الباقيات؛ لأنه بوطء واحدة خالف جميع قوله: "لا أجامع واحدة منكن" فاقتضى ذلك انحلالَ اليمين، وإذا انحلّت، سقط أثرها في مقتضى الإيلاء.

فإن قيل: ألستم قلتم: إنه مولٍ عن كل واحدة؟ قلنا: نعم هو كذلك، ولكن


(١) ما بين القوسين سقط من (ت ٢).