للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فمجرد] (١) لفظ التحريم يوجب الكفارة، قال: وقد غلط بعض أصحابنا، فقال: لا يلزمه الكفارةُ من غير جماع وإن لم يكن (٢) قد نوى اليمين والحلف، وقد ذكر هذا الوجهَ صاحبُ التقريب، والعراقيون، وزيّفوه.

٩٥١٧ - ولو قصد بالتحريم إيلاءً، فهل يصير حالفاً؟ المذهب الذي قطع به معظم المحققين أنه لا يكون إيلاء؛ فإن عماد اليمين بالله تعالى ذكرُ اسم الله سبحانه، والكنايات لا تشعر بهذا المقصود.

وذكر شيخي رضي الله عنه: "أن لفظ التحريم يصير بالنّيّة إيلاء، حتى كأنه قال: والله لا أصبتك"، ولا نعرف خلافاً أنه لو قال لإحدى امرأتيه: والله لا أصبتك، ثم قال لصاحبتها: أشركتك معها، ونوى عقد اليمين عليها، فلا ينعقد اليمين. ومن ذكر الوجه الذي قدمناه في التحريم، قال في التحريم مشابهةُ اليمين؛ من حيث يتعلق به كفارة اليمين (٣)، قال الله تعالى في أول سورة التحريم: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢]، فاحتمل الانصراف إلى اليمين بما له من المشابهة مع اليمين في موجبها، وهذا لا يتحقق في لفظ الإشراك وما في معناه.

ثم لما ذكر الشيخ أبو علي الوجه الضعيف في وقوف وجوب الكفارة على الوطء وإن لم يكن التحريم يميناً، بنى عليه أمراً؛ فقال: إذا فرعنا على هذا الوجه، ومضت أربعة أشهر، فهل يكون الزوج مولياً، فإنه يلتزم بالوقاع بعد أربعة أشهر أمراً، وهذا عماد الإيلاء؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يكون مولياً لما ذكرناه، كما لو قال: إن وطئتك، فعبدي حر، والوجه الثاني - أنه لا يكون مولياً؛ لبعد لفظه عن صيغ الأيْمان، وقد ذكرنا أنا وإن كنا نتصرّف على المعنى، فلا نطمع في طرده والكلامُ (٤) في الأصل، وكأنا على الجديد قد نشترط أن يلتزم بالوطء بعد أربعة أشهر


(١) في النسختين: بمجرد. والمثبت من المحقق.
(٢) المعنى أنه لو وطىء بعد التحريم، تجب عليه كفارة يمين، وإن لم يكن هذا يميناً، لا بالصيغة، ولا بنية قائله.
(٣) ومقتضى هذا أن يكون التحريم إيلاء، وعليه لا تجب الكفارة إلا بالوطء.
(٤) والكلامُ في الأصل. الواو هنا واو الحال. وهو يشير إلى ما مرّ آنفاً من أن اتباعَ المعنى في الأصول لا مطمع في طرده.