للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي المسألة وجه ثانٍ: أنها ترد إلى العادة [القديمة] (١)، ولا اعتبار بما جرى مرةً واحدةً، وهذا مذهب أبي حنيفة (٢).

٤٩٣ - توجيه الوجهين: من قال لا تثبت العادة بالمرة الواحدة، احتج بأن العادة من العود، وما لا يعود لا يؤثر فيما تكرر عوداً [على بدء] (٣) قديماً.

ومن قال بالوجه الأظهر، احتج بأن المتأخر بالإضافة إلى ما تقدم كالناسخ والمنسوخ، ولا حقيقة [لقول منا] (٤) يتمسك باشتقاق [لفظ] (٥) العادة، فإن هذه اللفظة ليست من ألفاظ الشارع، فلا معنى للتعلق بمقتضاها. ولئن كان يبعد ترك عادة قديمة بمرة، فتركها بمرتين لا يغير من الاستبعاد شيئاً.

وما ذكرناه متفقاً عليه، ومختلفاً فيه، يتهذب بصور نذكرها: فلو كانت تحيض خمسة أيام، وتطهر خمسةً وعشرين يوماًً، وكانت الأدوار تطّرد كذلك، فجاءها شهر، فرأت ستة دماًً، وأربعةً وعشرين طهراً، فقد زادت حيضتها، فلو زاد عليها دورٌ كذلك، فرأت ستة دماً، وأربعة وعشرين نقاءً، ثم فاتحها الدم وطبق، ولم ينقطع، فهي مردودة إلى حساب الدورين الأخيرين وفاقاً. ولو رأت الستة والأربعة والعشرين مرةً واحدةً، وفاتحها الدم وأطبق، فإن قلنا: تتغير العادة بالمرة الواحدة، [وهو الأصح، فهي مردودة إلى الدور الأخير، فدورها ثلاثون يوماًً كان، لكن ستة من أول الدور حيض، وأربعة وعشرون استحاضة.

وإن قلنا: لا تتغير العادة بالمرة الواحدة] (٦) فهي مردودة إلى عادتها القديمة، فنحيّضها خمسةً من أول الدور، ونحكم لها بالطهر خمسةً وعشرين يوماًً، وكذلك نُدير عليها أدوارها. وكذلك لو فرض نقصان الحيض مع التكرر، ومن غير تكرر، ثم طريان الاستحاضة، فلا يخفى تفريع الخلاف والوفاق.


(١) زيادة من: (ت ١)، (ل).
(٢) ر. حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٠٠
(٣) زيادة من (ت ١)، (ل).
(٤) عبارة الأصل: لمن يتمسك. والمثبت من (ت ١)، (ل).
(٥) زيادة من (ت ١)، (ل).
(٦) ساقط من الأصل وأثبتناه من: (ت ١) وجاءت في موضع سقط كبير في (ل).