للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختيار المزني أن الحنث لا يعود، وطردَ اختياره في الظهار، وهذا يقوّي نظرَ الفقيه في إجراء العود هاهنا.

فصل

قال: "ولو تظاهر منها، ثم لاعنها مكانه، بلا فصل ... إلى آخره" (١).

٩٥٤٧ - التفريع على ما هو المذهب، وهو أنه إذا ظاهر وأمسكها في زمان يتأتى فيه الطلاق؛ فإنه يصير عائداً ملتزماً للكفارة، فلو ظاهر عنها، ثم أراد اللعان متصلاً، فكيف السبيل فيه؟ ظاهر النص أنه يسقط حكم الظهار، ولا يكون عائداً.

وهذا كلام مبهم في تصويره، فاختلف أصحابنا فيما يمنع مصيرَه (٢) عائداً، فمنهم من قال: إذا ظاهر، ثم قذف على الاتصال، واشتغل (٣) بالمرافعة إلى الحاكم، وتهيئةِ أسباب اللعان، فلا يصير عائداً، حتى لو تظاهر عنها، ثم قذفها على الفور، ولم يؤخر الاشتغال بأسباب اللعان، فليس عائداً، وإن بقي في ذلك إلى حصول الغرض أياماً؛ لأن هذا اشتغال بأسباب الفرقة، فَحَلَّ محلَّ الاشتغال بنفس الفرقة.

ومن أصحابنا من قال: هذه المسألة تصور فيه (٤) إذا قدّم القذف وحصل الترافع، وتجمعت الأسباب، ولم يبق إلا إنشاء كلماتِ اللعان، فإذا قدم عليها الظهارَ، وعقَّبه بإنشاء اللعان، فهو غير عائد، وإن لم تكن كذلك، فهو عائد.

ومن أصحابنا من قال: ينبغي أن يقدم كلماتِ اللعان حتى لا تبقى منها إلا كلمة اللعن؛ فإذا ظاهر، ثم أتى بكلمة اللعن، لم يكن عائداً.

وهذا سرفٌ ومجاوزة حدٍّ، ولكنه اختيار ابن الحداد، ووجهه على بعده أن كل كلمة من كلمات اللعان مستقلة بإفادة معنى، ولا تستعقب واحدةٌ منها الفراق، وإنما يحصل ترك العوْد بتعقيب الظهار بكلمةٍ أو كلمات يقترن بإفادتها المعنى حصولٌ الفراق.


(١) ر. المختصر: ٤/ ١٢٥.
(٢) (ت ٢): تصيّر.
(٣) (ت ٢): واستقل بالمواقعة.
(٤) في الأصل: تصدر، و (ت ٢): تصوم إذا قدم القاذف.