للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فنقول أولاً: إذا حصل الظهار والعودُ، فلا شك في تحريم الوطء، والكلامُ في الظهار المُطلق، وذلك لأن الظهار والعودَ يوجبان الكفارة، ونصُّ القرآن ناطقٌ بامتداد التحريم بعد وجوب الكفارة إلى التخلي منها، والخروج عن عهدتها، قال الله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] فأوجب تقديم التكفير على المماسّة، فكان ذلك نصّاً فيما ذكرناه.

فإن فرعنا على أن الظهار يحرّم اللمسَ تحريمَه الجماعَ -وإنما (١) اخترنا التفريع على هذا القول ليسهل تصوير اللمس في اللحظة (٢) الخفيفة والساعةِ المختلسةِ، ثم إذا ظهر أثر قولنا في اللمس تفريعاً على تحريمه- اتّسق الحكم نفياً وإثباتاً في الوطء.

[والظاهر] (٣) عندي أن الظهار بمفرده لا يُحرِّم، وإنما يحصل التحريم إذا لزمت الكفارة؛ فإن التحريم مرتب على وجوب الكفارة، والخروجُ منه مرتب على أداء الكفارة، وهذه الكفارة تجري على الضد من كفارة اليمين، فإن الحنث فيها يوجب الكفارة، ووجوب الكفارة في هذا الباب يقدُم التحريمَ، هذا، والدّليل (٤) عليه أن الظهار لو كان يحرّم بعينه، لحرَّم الإمساك، ولأوجب الطلاق، فلما لم يكن الأمر كذلك، وجاز الإمساك، تبين بهذا ما ذكرناه، والدليل عليه أن إمساك ساعة مناقض للظهار، ولهذا كان عوداً، فدل أن مُناقِضَه لا يَحْرُم به، فهذا ما أراه.

وإذا فرعنا [على] (٥) الظهار المؤقت، ورأينا العود فيه بالوقاع -على ما سنشرح ذلك على أثر هذا شرحاً واضحاً -إن شاء الله تعالى- فالوطء الذي هو العودُ يجب ألا يَحْرُم، ويكون حصولُ الوطء بمثابة حصوله والطلاقُ (٦) الثلاث معلّق عليه، وقد


(١) (ت ٢): فلما اخترنا.
(٢) (ت ٢): في الحقيقة.
(٣) في الأصل كما في (ت ٢): الظاهر (بدون واو).
(٤) (ت ٢): والتعليل.
(٥) زيادة من المحقق.
(٦) والطلاق الثلاث معلق عليه: الواو واو الحال، والمعنى أن حصول الوطء هنا يشبه حصول الوطء فيما إذا قال: إن وطئتك، فأنت طالق ثلاثاً.