للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قال المعطل: لا إله إلا الله، صار مسلماً (١)، وعرض عليه شهادة النبوة، فإن أتى بها، وإلا كان مرتداً، وكذلك إذا قال الثنوي بإثبات الإله، فليس بمسلم (٢)، فإن وَحّد، حُكم له بالإسلام. وإذ قال اليهودي أو النصراني: محمد رسول الله، حكم بإسلامه (٣) وإن لم يوحّد؛ فإن النصراني يثلث، واليهودي يقول العزير ابن الله.

وحاصل هذه الطريقة أن من أتى من الشهادتين بما يوافق ملّته، فلا يصير مسلماً، ومن أتى من الشهادتين بما يخالف ملّته، حكم له بالإسلام، وإن لم يأت بالشهادتين جميعاًً. وهذا هو الذي قطع به معظم المحققين من الأصحاب ثم قالوا: في الناس من يعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه يزعم أنه مبعوث إلى الأمة الأمّية، وهم العرب، فلا يقع الاكتفاء منهم بأن يقولوا محمد رسول الله.

٩٥٦٠ - ونحن نفرع على الطريقتين: أما الطريقة الأخيرة، فإنا نقول عليها: لو اعترف يهودي أو نصراني بصلاة من الصلوات على موافقة ملتنا، أو بحكمٍ من الأحكام يختص بشريعتنا، [فهل] (٤) نحكم بإسلامه؟ فيه اختلاف: فمنهم من قال: ينبغي أن يكون ما يعترف به من الشهادتين، والذي إليه ميل المعظم من أهل التحقيق أن هذا إسلام.

وضبط القاضي (٥) هذا: بأن قال: كل ما إذا أنكره المسلم قيل: كفر لمّا جحده،


(١) لأنه أتى بما يخالف عقيدته، فأثبت الألوهية والوحدانية لله سبحانه بقوله: (لا إله إلا الله)، والمعطل أصلاً لا يثبت الباري سبحانه.
(٢) ليس الثنوي بمسلم إذا أثبت الإله، لأنه لم يأت بما يخالف عقيدته، فهو يثبت الألوهية الثنوية المعروفة من عقيدته، فهو يثبت إلهين: إله للخير إله للشر.
(٣) لأن هذا خلاف عقيدة اليهودي والنصراني.
(٤) في الأصل: فهذا. والمثبت من (ت ٢).
(٥) القاضي: هل هو القاضي الباقلاني أبو بكر، فحيث أطلق إمام الحرمين (القاضي) في علم الكلام وعلم الأصول، فإياه يعني، والمسألة هنا من مسائل علم الكلام؟
أم هو القاضي الحسين، فهو المعني عند إطلاقه في مجال الفقه، وإياه يعني على طول هذا الكتاب؟
نستعير من الإمام قوله: (المسألة محتملة). ولكن صرح الإمام الرافعي بأنه القاضي حسين، حينما حكى كلام الإمام هذا في كتابه. (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٢٩٩).