للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصحاب أن من اشترى من يعتِق عليه، فإنه يملكه، ثم يحصل العتق مرتَّباً على الملك، قال أبو إسحاق المروزي: يحصل الملك والعتق معاً، وعُدّ هذا من هفواته.

ولو اشترى العبدُ نفسَه من مولاه، وصححنا منه هذه المعاملة، فهل يملك نفسَه؛ حتى يترتب عتقه على ملك نفسه (١)؟ فيه تردد معروف، وسيأتي شرحه، إن شاء الله في كتاب الكتابة، وعلى الخلاف ابتنى أمرُ الولاء، فمن قال: إنه يملك نفسَه يحكم بانقطاع الولاء، ومن قال: يترتب عتقه على ملك المولى، فالولاء للمولى، وهذا يأتي مشروحاً إن شاء الله عز وجل.

والفرق بين شراء الرجلِ من يعتِق عليه وبين شراء العبد نفسَه أن شراء من يعتِق عليه لا يُحيل حصولَ العتق (٢) في المشترَى، ولولا ورود الشرع، لدام الملك، وكون الإنسان مالكاً لنفسه محال من طريق التصور، ومعتمد المذهب وقوع العتق من جهة القرابة، وهو مستحَق مع حصول الملك واقعٌ لا محالة.

ثم إذا اشترى النصف ممن يعتِق عليه، وكان موسراً، سرى العتق إلى الباقي، وعلى المشتري الضمان، ولو ورث النصفَ ممن يعتق عليه، نفذ العتق، ولم يَسْرِ، والسبب فيه أنّا لو سرّينا العتق المرتّب على الملك المستفاد بالإرث، لأحْبطنا ملك الشريك إن سرّيناه، ولم يضمن الوارث، وإن سرَّيناه وضمّناه، كان محالاً؛ فإن تغريمه مالاً فيما لم يتسبّب إليه بوجه من وجوه الاختيار محالٌ، لا سبيل إليه،


(١) (ت ٢): مولاه.
(٢) هنا معنى دقيق قد يحتاج أن ننبه إليه: ذلك أن ظاهر العبارة قد يوحي بأن صوابَها: "فإن شراء مَنْ يعتِق عليه لا يُحيل حصولَ الرق". بدليل ما بعده.
ولكن الصواب ما ذكره؛ فالمعنى أن شراءه مَنْ يعْتِق عليه لا يُحيلُ ملكَ المشترَى، ذلك الملك الذي يترتب عليه -بعد حصوله للمشتري- العتقُ؛ فإن العتق لا يكون إلا عن ملك، فهو يعتِق من ملك المشتري لا من ملك البائع.
أما تملّك العبد نفسَه بالشراء من سيده، فمحالٌ من طريق التصوّر أن يملك نفسه.
وهذا يُرجح أن العبد يعتِق عن ملك الموْلَى، وبالتالي يكون الولاء لمولاه، وإن كان هو الذي نَقَدَه الثمنَ مشترياً به نفسَه.