للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البياضِ، فأتت المرأة بالولد أسودَ ينأى لونُه عن لون الوالدين نَأْياً بعيداً، فهل يجوز التعويل على ذلك؟ قالوا: في المسألة وجهان: ولم يقيّدوا كلامهم بانضمام الزنا أو التهمة الظاهرة، إلى ما ذكرناه.

وظني بهم أنهم أرادوا ما ذكروه مع الزنا أو ظهور أمارة الزنا، وإذا كان كذلك، فهو في معنى الشبه، وإن كان يُحمل لونه البعيد على عرق نازعٍ من أحد الجانبين، فمثل ذلك ممكن في الشبه؛ فإنَّ الأجانب قد يتشابهون، وتُلقى مَشابهُ شخصٍ على شخص، وتعرُّضنا فيما ذكرناه للّون؛ إذ لا اعتبار بغيره من الخَلْق، فقد تلد حُسنى من أحسن الناس خَلْقاً ولداً مشوه الخَلْق، وقد تأتي به ناقص الخَلْق. فأما اللون البعيد، فهو الذي يثير غلبة الظن في انتفاء الولد.

ولو قرب اللون، فلا أثر له، كالأُدْمة والسمرة، والشُّقرة القريبة بالإضافة إلى البياض في الأبوين، فهذا كتفاوت الخَلْق.

وقد انتجز الأصلان الموعودان جرياً على أبلغ وجه في البيان، نقلأ [عن] (١) الثقة، وتنبيهاً على محالّ الإشكال.

٩٦٢٧ - ثم الذي نحب اختتام الفصل به أن تعويل الشرع في ظاهره على إلحاق النسب بمجرد العلوق في النكاح، وإن بعد، حتى إذا فرض الإتيان بالولد لستة أشهر فصاعداً من وقت النكاح، لحق النسب، وإن لم تُزفُّ الزوجةُ إلى الزوج، إذا كان التقاؤهما ممكناً. وإن لم يكن إمكان أصلاً، لم يلحق النسب، وقال أبو حنيفة (٢): يكفى أن يمضي من النكاح مدةُ الإمكان، وإن قطعنا بامتناع العلوق من الزوج، بأن يكون أحدهما في الشرق والآخر في الغرب.

هذا حكم الشرع، وللزوج أن ينفي بالوجوه التي ذكرناها في الأصل الثاني، ثم الشرع لا يحتكم عليه بأن يبين تلك الأسباب التي بانت له، بل هو مؤاخَذٌ برعايتها بينه


(١) في الأصل: على.
(٢) ر. حاشية ابن عابدين: ٣/ ٥٥١، فتح القدير: ٢/ ٣١٤.