للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولم يختلف أصحابنا في شيء إلا في الشهادة، فإن منهم من قال: هو من أهل الشهادة كالناطق، والأظهر أنه مردود الشهادة؛ لأن الشهادة تتعلق بالغير (١) وللشرع تعبُّدٌ باعتبار كمالٍ فيها، ولهذا لا نقبلها من الرقيق.

فإذن الأخرس من أهل القذف، ثم هو من أهل اللعان عندنا، خلافاً لأبي حنيفة (٢).

ويختلج في الصدر إشكالٌ في تأديته كلماتِ اللعان، سيّما إذا عيّنا لفظَ الشهادة، ولم نُقم غيرَها مقامها، فكيف تُرشد الإشاراتُ إلى تفاصيل الصيغ.

والذي ينقدح في وجه القياس، أن كل مقصود لا يتخصص بصيغةٍ من لفظٍ، فلا يمتنع إقامةُ الإشارة فيه مقام العبارة، وما يتخصص بصيغة مخصوصةٍ، فيغمضُ إعراب الإشارة عنها.

ولو (٣) كان في الأصحاب من يشترط في الأخرس الكِتْبة (٤) إن كان يُحْسِنُها، أو يشترط من ناطقٍ أن ينطق بالصيغة ويشير إليه بها، ويقول: تشهد هكذا وهو في ذلك يقرّره، ويُقرّب (٥) الإشارةَ جهده، فهذا يقرُب بعضَ القرب، فأما إشارةٌ مجردة تدل على صيغةٍ مخصوصة لست (٦) أهتدي إليها.

٩٦٣٧ - ومما يتعلق بتمام البيان في ذلك أنه إذا أشار بالقذف، وأشار بحكم اللعان إن أمكنت الإشارة بها، ثم نطق فانطلق لسانه، وزعم أني لم أُرد بالإشارة قذفاً


(١) (ت ٢): تتعلق باللغة.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٥٠٨ مسألة ١٠٥٤، المبسوط: ٧/ ٤٢، رؤوس المسائل: ٤٣٢ مسألة ٣٠٣.
(٣) ولو كان في الأصحاب من يشترط في الأخرس الكِتبة: (لو) هنا للتمني، فالإمام يتمنى لو كان هذا رأياً للأصحاب، حكى الرافعي هذا الكلام عن الإمام، ثم قال: " جاء الغزالي، فقال ما تمنى الإمام أن يكون في الأصحاب من يقوم به، وحكاه في البسيط عن بعض الأصحاب، وهو كالمنفرد بالقول به " ا. هـ كلام الرافعي (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٣٩٨).
(٤) الكِتْبة: الكتابة (المصباح).
(٥) (ت ٢): ويقرب الإشهاد جهته.
(٦) لستُ: جواب (أما) بدون الفاء.