للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا ينقسم؟ قلنا: لم يتعرض الزوج في لعانه لزنا الأم، ولو تعرض له، لكان باطلاً، وليس اتحاد الحد على حقيقته، إنما هو على مذهب التداخل، وهذا ينافي حقيقةَ الاتحاد، وما ذكرناه فيه إذا قال لزوجته وأمها أنتما زانيتان.

فأما إذا قال: يا زانيةُ بنتُ الزانية، فقد ذكرنا أن الحد يتعدد قولاً واحداً، ثم طلبُ حد الأم إليها، أو إلى من تستنيبه، وحق البنت مفوض إليها.

٩٦٦٠ - واختلف أصحابنا في تقديم إحداهما على الأخرى: فمنهم من قال: لا يثبت لواحدة منهما حقُّ التقديم بعد ما قذفهما.

وكذلك لو قذف شخصين، فرتب أحدهما على الثاني، فإنه صار بكل قذف مستوجباً للحد، فلا أثر للتقدّم والتأخر، وهو كما لو أتلف مالَيْن على شخصين في زمانين، فلا يتقدم أحدهما، ثم هذا القائل يقول: إذا جاءتا تطلبان، فلا وجه إلا الإقراع بينهما.

ومن أصحابنا من قال: الأم هي المقدمة؛ لأن حدها بعيد عن السقوط، وحدّ البنت يسقط باللعان، فكان الحد المتأكد أولى بالتقديم، واعتل بعض الأصحاب بحرمة الأم، وهذا لا حاصل له.

ومن أصحابنا من قال: البنت مقدّمة، لأن الزوج بدأ بذكرها؛ إذا (١) قال: يا زانيةُ، فثبت الحد لها أولاً، ولا بُعْد في التقديم، بهذا السبب في العقوبات، ولذلك نقول: من قتل رجلين على الترتيب، فهو -[على الترتيب] (٢) - مسلّم إلى أولياء القتيل الأول، وهذا [أبعدُ ترجيح] (٣)؛ فإن المحل يفوت بالتسليم إلى أولياء الأول، فإذا كانت البداية تؤثر والحالة هذه، فلا بُعد في تأثيرها في حد القذف.

والذي يوضح ذلك أنا إذا حَدَدْناه لا نوالي عليه، بل نمهل رَيْثما يبرَأُ جلدُه، وفيه تأخير الحد الثاني.


(١) إذا: بمعنى (إذْ).
(٢) زيادة من (ت ٢).
(٣) في النسختين: وهذا إلى ترجيح. والمثبت تصرف من المحقق، على ضوء السياق.