وجهان: أحدهما - أنه ليس بحيض؛ فإنه ليس بدم، وليس في أيام عادة، فينزل منزلة بول دائم.
والثاني - أنه حيض؛ فإنه في زمان إمكان الحيض، فأشبه الواقع في أيام العادة.
هذا فيه إذا لم تر لَطْخةً من الدم، فأما إذا رأت في أيام العادة مقداراً من الدم، ورأت بعدها دماً، ثم صفرة أو كُدرةً في خمسةَ عشرَ، وهي زمان إمكان الدم، ففي الصفرة الزائدة على أيام العادة وجهان مرتبان على الوجهين في الصفرة الأولى. وهذه الصورة أولى بأن تكون الصفرة فيها حيضاً؛ لأنه إذا تقدم دمٌ، حُملت الصفرة على جزء منه؛ فإنّ تدرّج انقطاع الدم هكذا يكون، والجراحة إذا مجت دماًً عبيطاً، ثم انقطع، فترق أجزاء من بقية الدم مع رطوبات، ويتلون ألواناً كثيرة.
وإن لم يسبق دمٌ، فيبعد حملُ الصفرة على الدم إذا لم يتقوّ بالوقوع في عين أيام العادة.
فحاصل القول إذاً، أن ما يقوى بالوقوع في أيام العادة، فهو حيض وفاقاًً، وما يقع وراء أيام العادة من الصفرة على ثلاثة أوجه:
أحدها - أنها ليست بحيض.
والثاني - أنها حيض إذا كانت في الخمسةَ عشرَ.
والثالث - أن ما يتقدّمه دم وقع في زمان الإمكان، فهو حيض، وما لا يتقدمه دم، ولا يكون في أيام العادة، فإنه ليس بحيض.
ثم كان شيخي رحمه الله يقول: مَنْ يشترط تقدّم دم، يكتفي بلحظة منه، ولا يشترط دوامه يوماًً وليلة؛ فإن الغرض من اشتراط تقدمه ما قدمناه من تخيل تدريج الدم في الانقطاع كما سبق. وهذا لا يختلف بالنقصان عن يوم وليلة.
٥١ - ومن تمام البيان في ذلك أن المرأة إذا كانت مبتدأة، ورأت أول ما رأت صفرة، أو كُدرة، ثم طهرت، فقد اختلف أئمتنا: فذهب بعضهم إلى أن حكم مردّ المبتدأة على اختلاف القولين كأيام العادة في حق المعتادة، وهذا غيرُ مرضي، والصحيح أن حكم الصفرة في أيام مردّها كحكمها وراء أيام العادة في الخمسةَ عشرَ في حق المعتادة؛ فإنها في زمان إمكان الحيض ولم يسبق لها عادة معتبرة، والمستحاضة