للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة قولان: أحدهما - أنه يسقط حدّه كما لو سماه؛ لأنه صدق نفسه في ذلك الزنا باللعان.

والقول الثاني - أنه يُحد للأجنبي لأنه قذفه، ولم يُقم عليه حجةً على تصديق نفسه.

ثم إن فرعنا على هذا القول الأخير فأراد إسقاط الحد عن نفسه، فإنه يعيد اللعان بكماله، ويعيد ذكرَ المرأة قطعاً، ولا يمكنه أن يقتصر في اللعان المعاد على إثبات الزنا على الأجنبي المسمى.

ثم خلاف أبي حنيفة (١) مشهور، ووجه الرد عليه مذكور، وقد صح أن العجلاني رمى زوجته بشريك بن سحماء، ولم يسمّه في اللعان، ولم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لإيجاب الحد عليه.

وينشأ من هذا الذي ذكرناه أصلٌ، وهو أن من قذف بحضرة القاضي رجلاً، فهل يتعين على القاضي أن يُخبر ذلك المقذوفَ حتى يطلب حقَّه من حد القذف؟ فيه وجهان ذكرهما صاحب التقريب وغيُره: أحدهما - أنه يجب؛ حتى لا يضيع حقٌّ مستحَق.

والثاني - لا يجب ذلك؛ لأن العقوبات مبناها على الدرء.

ثم تكلم الشافعي في حديث العسيف على ما سيأتي في موضعه، إن شاء الله عز وجل، وفيه أنه قال: " واغد يا أُنيس، فإن اعترفت فارجمها " ولم يكن غرضُ الرسول صلى الله عليه وسلم ببعثه أُنيساً أن يستنطقها بما يوجب عليها حدَّ الزنا، وإنما فعل ذلك ليخبرها بحقها في حدّ القذف " فإنَّ أبا العسيف قَذَفها: إذ قال: إن ابني زنا بامرأة هذا " (٢).

٩٦٧٣ - ثم قال: " وأي الزوجين كان أعجمياً ... إلى آخره " (٣).

إذا كان الزوج أعجمياً، التعن بلسانه والمترجم يترجم، ثم اختلف الأئمة في عدد


(١) ر. المبسوط: ٧/ ٤٩.
(٢) حديث العسيف متفق عليه، وسيأتي تخريجه مفصلاً في أوائل كتاب الحدود.
(٣) ر. المختصر: ٤/ ١٥٩.