للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا على هذا القياس: لو نسبها إلى الزنا بأن قال: كنتِ عالمة بما يجري، وإنما الواطىء بالشبهة هو الذي اشتبه عليه الأمر، قالوا: فلا تلاعن في هذه الصورة؛ ذلك لأن النسب ثابت في هذه الصورة.

وحاصل كلامهم أن الزوج إذا نسب الولد إلى جهةٍ يثبت النسب فيها، فلا لعان.

ولو قال لها: زنى بك فلان، واستكرهك على الزنا، فأتيتِ بهذا الولد عن هذه الجهة، فهل يلاعن؟ قالوا: في المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يلاعن؛ لأنه لم ينسبها إلى زنا هو زناً من الجانبين، فصار كما لو كان الواطىء بالشبهة.

فانتظم من كلامهم: أنه إذا نسبها إلى ما هو زنا محض وأضاف الولد إلى تلك الجهة، فعند ذلك يلاعن قطعاً، فإذا أضاف الولد إلى جهة يثبت نسبه فيها من الأب، فلا لعان؛ فإن الجهة التي [ذكرها] (١) جهةُ نسب.

وبمثله لو نسبها إلى الاستكراه، ولم ينسبها إلى الزنا، وذكَرَ الزنا في جانب الواطىء، ففي المسألة وجهان.

٩٦٩٥ - فإذا جمعتَ ما ذكرناه عن صاحب التقريب إلى ما ذكره العراقيون، كان مجموعُ ذلك أن الولد إذا نُسب إلى الزنا المحض، لاعن بلا خلاف.

وإن نسبه إلى وطء الشبهة، والشبهة شاملة للجانبين جميعاً، فالذي ذكره العراقيون القطعُ بأن اللعان لا يجري.

وفي طريق صاحب التقريب تردُّدٌ وإشارةٌ إلى خلاف، ووجه الخلاف أنا في مسلكٍ نقول: لا يلاعن أصلاً؛ فإنه لم يُضفها إلى الزنا، والإضافة إلى الزنا مشروطة في كتاب الله تعالى.

والوجه الثاني - أنه يكفي في نفي الولد أن يقطعَه عن نفسه وينسبَه إلى جهة أخرى، ولا معنى لاشتراط كون تلك الجهة زنا، والذي ذكره من أن القيافة ممكنة، لا حاصل له؛ فإن القيافة إنما تجري إذا اعترف الواطىء بالشبهة، ووُجد التداعي بين الزوج وبين الواطىء بالشبهة؛ فإذ ذاك نري الولدَ القائفَ، فلا معنى


(١) في الأصل: ذكرناها.