للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المزيّة، ولكن العبارات لا تجري على النظم المختار في المعنى، بل هي مردّدةٌ بين النظم [القويم] (١) والمنهج المستقيم، وبين الحيْد [عنه] (٢)، حتى يقلَّ في الناس من يرتاد النظم الأقوم، وإذا ندَرَ الخروجُ عن النظم في كلام شخص، عُدّ مُعْتَبرَ الدهر، فلا مؤاخذةَ بما يجب أن يكون بناء الكلام عليه، وإنما التعلق بالصيغ في مبانيها ومعانيها.

ولو قال لامرأته: يا زانية، فقالت: أنت أزنى مني، وأرادت بذلك أني زانية، وأنت أزنى مني، فهذا إقرار منها بالزنا، إن فسرت لفظها بذلك، ويجب عليها حدُّ الزنا، وحدُّ القذف، ويسقط حدُّ القذف عن الزوج (٣).

وإن قالت: أردت بذلك أنك الزاني، ولستُ بزانية، فإنت أزنى مني، فيقبل ذلك، وتكون قاذفةً غيرَ مقرة بالزنا؛ إذ لفظها يحتمل هذا الوجه.

وهذا أورده صاحب التقريب عن ابن سُرَيْج، وذكره الشيخ أبو علي على هذا الوجه، ولا خفاء به.

٩٧٠٤ - ولو قال لرجل: أنت أزنى الناس، فقد أطبق الأصحاب أن هذا لا يكون قذفاًً؛ فإنه لم ينسب الناسَ إلى الزنا، ولو قال: في الناس زناة، وأنت أزنى منهم، فهذا قذف.

وقد يعترض في ذلك [سؤال] (٤)، فإنه إذا قال: يا أزنى الناس، فليس يخفى عليه أن في الناس زناة، وقد ذكرنا أن من علم زنا شخصٍ ببينة أو إقرار، ثم قال لرجل: أنت أزنى من فلان، فيكون ذلك قذفاً، فليكن قوله: أنت أزنى الناس بهذه المثابة. وهذا فيه تعقيد.

قال القاضي: قوله: أنت أزنى الناس، تأويله أنت أعلم الناس بالزنا.


(١) في الأصل: القديم.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) يسقط حد القذف عن الزوج، لإقرارها بالزنا، كما هو واضح.
(٤) في الأصل: سؤاله.