للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر صاحب التقريب أن الشافعي رضي الله عنه ذكر فيه إذا قال الرجل للمرأة: يا زان، أو قالت المرأة للرجل: يا زانية قولين: أحدهما - أن ذلك لا يكون قذفاً صريحاًً؛ فإن كل واحد منهما نسب صاحبه إلى زنا لا يتصور منه.

وهذا غريب جداً، ولكنه حكاه عن القديم، ولم [أره] (١) لغير صاحب التقريب، ولا تعويل على مثل هذا.

٩٧٠٦ - ثم قال: لو قال: " زنأت في الجبل ... إلى آخره " (٢).

إذا قال: للرجل زنأتَ في الجبل، فهَمَزَ وذكرَ الجَبَلَ أو غيرَه مما يُرقى فيه، فليس قاذفاً؛ فإنه يقال: زنأ في الجبل أي رقا، ومنه قول القائل:

وارْق إلى الخيرات زنْأً في الجبل (٣).

ولو قال: زنيت في الجبل، فأتى بالياء ولكن أضاف إلى الجبل، ثم زعم أنه أراد بذلك الزنوّ بمعنى الرقي، فهذا مما اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: لا يقبل ذلك منه؛ فإن قوله (زنيت) صريح، وإضافته إلى الجبل منتظم على معنى بيان ذكر المكان، وهذا ظاهر المذهب.

ومنهم من قال: يقبل ذلك منه لذكرِ الجبل، وقرب زنيتَ من زنأت، وغلبة حذف الهمزة على الألسن.


(١) في الأصل: لم أر.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ١٧٧. وفي الأصل: (زنيت) والتصويب من المختصر.
(٣) هذا من رجزٍ قاله قيس بن عاصم المنقري يرقِّص صبيّاً له (وهو حُكَيْمُ بنُ عاصم) وقد تناوله من أمه: منفوسة بنت زيد الفوارس. وقبل هذا قولُه:
أشْبه أبا أمّك أو أشبه عملْ
ولا تكوننّ كهِلَّوفٍ وكَلْ
يُصبح في مضجعه قد انجدلْ
وارْقَ إلى الخيرات زنأً في الجبل.
[عمل: اسم رجل. الهِلَّوف: الثقيل الجافي البطين لا غناء عنده. والوكَلْ: الذي يكل أمره إلى غيره] (ر. لسان العرب: مادة: زنأ ومادة عمل) قلت: والعامة في ريف مصر يقولون: (هِلْف) مكان (هِلّوف) تماماً.