للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتحاشى من الزنا؛ فإن النفوس أبعد عن احتمال اقتحام هذه الكبيرة مما هو زنا محض في أجنبية، فليس لمن وصفناه عِرضٌ وتماسُكٌ يحفظ عليه نباهتَه وجاهَه، أو تورعه عن هذا [التردّي] (١).

وإذا وطىء الأب جاريةَ ابنه، أو وطىء أحد الشريكين الجارية المشتركة، والتفريع على أن لا حد، ففي بطلان الحصانة وسقوط العفة وجهان مرتبان على الوجهين المقدّمين في وطء ذوات المحارم، والصورة الأخيرة أولى بأن لا تسقطَ العفةُ فيها؛ فإن أحد الشريكين يتوصل إلى نقل ملك شريكه إلى نفسه بطريق الاستيلاد، وإذ ذاك يثبت الحِلّ، وذوات المحارم لا تستحل، وجارية الابن في حق الأب تقع في مرتبة الجارية المشتركة في حق أحد الشريكين.

ولو نكح الشافعيُّ بغير وليٍّ مخالفاً عقده (٢)، وألمّ بالمنكوحة، ففي سقوط الحصانة بهذه الجهة وجهان مرتبان على المسألة الأخيرة، وهذه المسألة أولى بأن لا تُسقط العفة، فإن الحل في المنكوحة بغير وليٍّ مختلف فيه، وليس في المسألة إلا أنه خالف عقد نفسه.

ولو وطىء بشبهة في نكاح فاسد أو على ظن زوجية، ففي سقوط العفة وجهان مرتبان على المسألة الأخيرة قبلها، وهذه أولى بأن لا تسقط العفة فيها؛ فإن صاحب هذا الوطء ليس ملوماً في عقده، ولا تسقط عدالته بما جرى منه.

فإن قيل: قد طال الترتيب، فما وجه إسقاط الحصانة والرجل معذور؟ قلنا: هذا محمول [على ترك التحفظ] (٣)، وقد تعلّق بترك التحفظ ما نعلّقه بالهجوم على المحرّم، وهذا كمصيرنا إلى أن القتل المحرَّم يُحرِّم الميراثَ، ثم ألحقنا به القتلَ الواقعَ خطأً (٤).

وألحق أئمتنا بهذه المرتبة ما لو جرت صورة الفاحشة في حالة الصِّبا، وهذا أبعد


(١) ما بين المعقفين مكان كلمة تعذر قراءتها.
(٢) عقده: المراد اعتقاده ورأيه، وهو هنا المذهب الشافعي.
(٣) في الأصل: على ترك اللفظ الحفظ.
(٤) أي علق الحرمان من الميراث بالقتل الخطأ، لترك التحفظ.