قدمنا أنّ القول قول المقذوف، وعلى القاذف إثباتُ ما ادّعاه، وقد سبقت نظائر هذه المسألة.
ولو قال: كنتُ مرتداً فأسلمت، وجرى قذفُك بعد إسلامي، فلا يقبل ذلك منه.
نعم، له أن يحلّف القاذف.
وكل هذا مما تمهدت أصوله فيما سبق.
٩٧٤٢ - ولو قال: قذفتكِ وأنت صغيرة، وأقام على قذفها في الصغر بينةً، وقالت: بل قذفتني وأنا كبيرة، وأقامت بينةً على حسب قولها، فإن كانت البينتان مطلقتين أو مؤرختين بتاريخين مختلفين، فقد ثبت قذفان، ويتوجّه الحد بالقذف الثابت في حالة الكبر.
وإن وقع التعرضُ لوقتٍ واحد، وآل النزاع إلى كونها صغيرةً في ذلك الوقت أو بالغة، فلو أقامت المرأة بيِّنة على أنها كانت بالغةً في ذلك الوقت، وأقام القاذف شاهدين على أنها لم تكن بالغةً في ذلك الوقت، فهذه شهادة على النفي، فإن وقع التعرض لإثبات الحيض، فنفيه مردود والتعويل على الإثبات.
وقد يعترض في هذه المسألة سؤال، وهو أن قائلاً لو قال: كيف يمكن إثبات الحيض، ولا اطلاع على ذلك إلا من جهتها، إذ لو فرض اطلاع على ظهور الدّم من منفذه على صفة الحيض، فقد تعلم تلك أنه دمُ فسادٍ راجعةً إلى ترتيب أدوارٍ، وهي أعرف بها من غيرها، فكيف سبيل تصور الشهادة على الحيض؟
قلنا: ليس يبعد ذلك؛ فإن نسوة لو رأين نفوذ الدم في أول وقت إمكان البلوغ، ثم تمادى الدم إلى انقضاء أقل الحيض، فيمكن فرض العِيان على عُسرٍ فيما ذكرناه، ويمكن حمل الشهادة على إقرارها بالحيض في ذلك الوقت، والنزاع مفروض بعد انقضاء زمانٍ من تاريخ الإقرار. هذا وجه التصوير.
ومما نجريه في ذلك: أنها لو أقامت بينة على أنها كانت بالغة في ذلك الوقت، وأقام القاذف بينة على أنها كانت صغيرة في ذلك الوقت، فالصغر في ظاهر الأمر صفةٌ ثابتة، ولكنه يكاد يرجع في هذا المقام إلى النفي؛ إذ المقصود منه عدم البلوغ.