للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو حنيفة مع مصيره إلى أن الولد الأول لا يلحق إلا بالدعوة والتصريحِ بالاستلحاق لم يعتبر هذا في سائر الأولاد بعد الأول.

ولكن (١) لا يجري على مذهب الشافعي ما أجراه أبو حنيفة في إثبات خواصّ الفراش، فإنه قال: المستولدة إذا عتَقَت، فاستبراؤها بثلاثة أقراء كالمطلقة الحرة، والشافعي يكتفي في استبراء المستولدة إذا عتَقَت بحيضة واحدة.

ومن أصحابنا من قال: لا يلحق الولد الثاني إذا تحقق أنه ليس من البطن بالأول ما لم يعترف المولى به أو بوطء جديد بعد انفصال الولد الأول؛ فإنها مملوكة وليست ملتحقة بالمنكوحات، والدليل عليه أن استبراءها إذا عَتَقَت بحيضة، ولا حق لها في القَسْم، كما لاحق للرقيقة، فلا يثبت لها حكم الفراش حتى يكتفى بالإمكان المجرد.

٩٧٥٩ - ثم قال الأئمة: هذا الاختلاف ينبني على الاختلاف في مسألةٍ، وهي أن السيد إذا زوّج أم ولده، فألم بها زوجُها، ثم طلقها، فانقضت عدتها، فهل تعود فراشاً للمولى كما (٢) تصرّمت العدة؟ فعلى قولين: أحدهما - بلى تعود، حتى لو مات، أو أعتقها، يلزمها الاستبراء.

والثاني - لا تعود، ولو أعتقها، لم يلزمها الاستبراء.

فإن حكمنا بأنها تعود فراشاً من غير إقرار بوطء جديد، فهذا قضاء منا بان أمية الولد تُغني عن الاعتراف بالوطء، وتقتضي الاكتفاء بالإمكان.

وإن قلنا: لا تعود فراشاً، فلا بد بعد التخلي من اعترافٍ بوطء.

فعلى (٣) هذا إذا أتت المستولدة بولدٍ، فلحق، ثم أتت بولدٍ يقع العلوق به بعد الولادة، فلا بد من الاعتراف بوطء جديد.


(١) الاستدراك هنا بمعنى أننا إن وافقنا أبا حنيفة في أن الأولاد بعد الولد يلحقون بالفراش وبالإمكان، لكن لا يجري مذهبنا على ما يجري عليه أبو حنيفة في الاستبراء.
(٢) كما: بمعنى عندما.
(٣) عودٌ إلى مسألة المستولدة، المشبهة بالمزوّجة.