للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يليق بغرضنا الآن أن الولد لا يلتحق بالفراش الثاني لحوقَه بالنكاح الصحيح، والسبب فيه ما قدمناه من أن الإلحاق بالأول وقد جرى نكاح ظاهره الصحة، يتضمن إفساد النكاح المحكوم بصحته ولا وجه لهذا، ولا يتحقق مثلُ هذا في النكاح الفاسد.

ومن أسرار المسألة أنا ردَّدْنا في النكاح الفاسد ولداً بين النكاح الفاسد والنكاح الصحيح الماضي، ولكن لما لم يؤد إلى إفساد نكاح المتقدم، لم نُبالِ بذلك.

والدليل عليه أن المنكوحة لو وطئت بشبهة في استمرار النكاح، وفرض الإتيان بولد وتردد الاحتمال بين الواطىء بالشبهة وبين الزوج؛ فإنا نُري الولدَ القائفَ، وإذا انتهينا إلى باب القيافة في آخر الدعاوى، أوضحنا في صدر الباب الصور التي تجري القيافةُ فيها.

فهذا منتهى المراد في ذلك، وسياقةُ أحكام القيافة إلى منتهاها ستأتي، إن شاء الله تعالى.

٩٨١١ - ومما ذكره الأصحاب هاهنا أن المرأة إذا نكحت على الشبهة والفساد، فمتى يثبت حكم الفراش الثاني؟ ظاهر المذهب أنه يثبت بالوطء الأول، وقال القفال الشاشي (١): يثبت حكم الفراش الثاني بالعقد، وفائدة ذلك أنا من أي وقت نحتسب


(١) القفال الشاشي. هو محمد بن علي بن إسماعيل القفال الكبير، فخر الإسلام، أبو بكر، تفقه بابن سريج، أول من صنف في الجدل. وهو أكثر ذكراً في كتب التفسير، والحديث، والأصول، والكلام والجدل، مذكور في المهذب في موضع واحد، وهذا أول موضع يذكر فيه في النهاية.
يتفق مع القفال الصغير في الكنية؛ فكلاهما أبو بكر، ويختلفان أو يتمايزان بأشياء منها: النسبة، هذا شاشي، وذاك مروزي، ومنها اللقب فهذا الكبير وذاك الصغير، بالإضافة إلى شهرة صاحبنا هذا بالتفسير والحديث والكلام والجدل، وذاك بالفقه، وحيثما يطلق القفال في كتب الخراسانيين فهم يعنون ذاك لا هذا. ولد ٢٩١ هـ وتوفي ٣٦٥ هـ. ثم هما غير صاحب التقريب، فهو قفال ثالث.
(ر. تهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٨٢، ٢٨٣، والطبقات للسبكي: ٣/ ٤٧٢، ووفيات الأعيان: ٤/ ٢٠٠، ٢٠١).