للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الطهر، هذا إذا كانت الأَمَةُ من ذوات الأقراء.

فإن كانت من ذوات الشهور ففي المسألة قولان مشهوران: أحدهما - أنها تعتد بشهر ونصف؛ لأن الشهر مما يتجزأ ويتبعض وإن كان القرء لا يتبعض، فينبغي أن تكون الأمة على الشطر من الحرة، كما أنها في عدة الوفاة على الشطر، منها تتربص شهرين وخمسة أيام.

والقول الثاني - أنها تعتد بشهرين؛ فإن كل شهر في مقابلة قرء، وقد تأصل فيها قرءان، وروي عن عمر أنه قال: " يطلِّق العبد تطليقتين، وتعتد الأمة بحيضتين، وإن لم تحض، فشهران أو شهر ونصف " (١) ومنهم من جعل هذا شكّاً من الراوي، ومنهم من جعله ترديدَ قولٍ من عمرَ، وهذا ظاهر الرواية، وهو شاهدٌ بيّن في أن ترديد القول ليس بِدعاً (٢).

وفي المسألة قول ثالث - أنها إذا عدمت الحيض، تربصت ثلاثة أشهر، وقد قيل: أقلُّ زمان يدل على براءة الرحم ثلاثةُ أشهر، وما يرجع إلى الجبلة لا يختلف بالرق والحرية، وإنما خرّج هذا القولَ الثالث من الاستبراء، قال الشافعي: أم الولد إذا لم تكن من ذوات الحيض فعَتَقَت، فبماذا تستبرىء؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها تستبرىء بشهر واحد؛ فإنها لو كانت من ذوات الحيض، لاستبرأت بقرء واحد، فإذا كانت من ذوات الشهور، أقمنا شهراً مقام قرء.

والقول الثاني - أنها تستبرىء بثلاثة أشهر؛ لأنه أقل زمان يدل على براءة الرحم، وخرج هذا في المطلقةِ الأمةِ إذا كانت من ذوات الشهور.


(١) أثر عمر رواه الشافعي (ترتيب المسند ٢/ ٥٧ رقم ١٨٧، وعبد الرزاق في مصنفه (١٢٨٧٢ وما بعده) ورواه البيهقي من طريق الشافعي بسندٍ متصل صحيح إليه، كما قاله الحافظ (ر. السنن الكبرى: ٧/ ٤٢٥، ٤٢٦، تلخيص الحبير: ٢/ ٤٦٨ ح ١٠٨٣).
(٢) لا ينسى إمام الحرمين (شافعيّته) فهو هنا يأخذ من ترديد عمرَ الحكمَ دليلاً على أن ترديد الشافعي أكثر من قولٍ في حكم واحد ليس شيئاً بدعاً يعاب به الشافعي، كما يقول خصومُ مذهبه. كيف وقد سبقه إلى ترديد القول عمرُ رضي الله عنه، وهو من هو فقهاً وفهماً.