للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سكنى المتوفى عنها قولان، كما سنذكرهما، وفي الحديث الذي رويناه متمسّك القولين: فمن أوجب السكنى، صار إلى أن الرسول نسخ بقوله الآخرَ قولَه الأول، ورخص لها في الخروج أولاً، ثم نسخ وأوجب السكنى بقوله: "اعتدي في بيتك حتى يبلغ الكتابُ أجلَه".

و [من] (١) لم يُثبت السكنى للمعتدة عن الوفاة، استدل بأوّل الحديث، وحمل آخره على الندب والاستحباب.

وحديث فاطمةَ بنتِ قيس لا بد من ذكرها في الباب، روي أن زوجها طلقها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تعتد في بيت الزوج، فاستطالت على أحمائها باللسان، فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجها النبي عليه السلام من بيت الزوج، وأمرها حتى اعتدّت في بيت ابن أم مكتوم (٢).

وعن مروانَ أنه أخرج مطلقةً من بيت زوجها، فأرسلت إليه عائشةُ: أن اتق الله، واردُد المرأة إلى بيت زوجها، فقال مروان: أما بلغك شأنُ فاطمةَ، فقالت عائشةُ: لا عليك أن لا تذكر فاطمة، فقال مروان: إن كان بك الشر، فحسبك ما بين هذين من الشر: [أي] (٣) إن كان أخرجها بعلة الشر، فهو موجود في هذه، ثم كانت فاطمةُ تسمَّى بعد قصتها في الصحابة الفتانة؛ فإنها روت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يجعل لها النفقة والسكنى، وكانت لا تذكر سبب إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها من مسكن النكاح.

فهذا بيان القواعد التي إليها الرجوع في مسائل الكتاب.


(١) سقطت من الأصل.
(٢) حديث فاطمة بنت قيس -برواياته-، رواه البخاري: الطلاق، باب قصة فاطمة بنت قيس وقول الله عز وجل {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، الأحاديث من ١٣٢١ - ٥٣٢٨. ورواه مسلم: الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، ح ١٤٨٠. وانظر الروايات المختلفة أيضاً في السنن الكبرى للبيهقي: ٧/ ٤٣١ وما بعدها.
(٣) زيادة يمكن الاستغناء عنها، ولكنها تعين على فهم الكلام.